مما لا يمكن لأحد أن يشك فيه ، ان الانسان مهما شك في شيء فانه لا يمكنه الشك في وجود نفسه وفي وجود الأرض والأشياء التي يتعامل معها وفي وجود السماء وما فيها من شمس ، وأمر وكواكب فلا شك في وجود نفسه الا اذا كان مريضاً يجب أن يداوي بما يناسبه من العلاج.
وهل يشك أحد بالحاجة إلى الاكل عندما يجوع او الحاجة الى الثياب عندما يهاجمه البرد ، او الحاجة الى المأوى عندما تهطل عليه الأمطار ، أو الفرار عندما يهاجمه حيوان مفترس ، أو الابتعاد عن البئر خوفاً من السقوط؟؟!
ألا يدل كل ذلك على أن هناك وراء تصوراته حقائق ثابتة ، وان في صفحة الوجود موجودات غيره؟؟
أجل ان الانسان يعلم كل ذلك بعلم ضروري بسيط منذ أن يطل على العالم ويعاين الأشياء ، ولذلك يتخذ منها مواقف معينة ، ويظهر من نفسه تجاهها ردود فعل خاصة.
ولقد اشار الحكيم المحقق «صدر الدين الشيرازي» الى مقالة السوفسطائيين المنكرین للواقع وطريقة علاجهم اذ قال :
«ما ذكره الشيخ (أي ابن سينا) في الشفاء في معرض الرد على مقالة السوفسطائيين أن يسأل عنهم : انكم هل تعلمون أن انكار كم حق أو باطل أو تشكون؟ فان حكموا بعلمهم بشيء من هذه الامور (أي قالوا نعلم بانكار نا) فقد اعترفوا بحقية اعتقاد ما ، سواء كان ذلك الاعتقاد اعتقاد الدقية في قولهم بانكار القول الحق ، أو اعتقاد البطلان أو الشك فيه ، فسقط آنكار هم للحق مطلقاً (١).
__________________
(١) ای اذا قالوا نعلم بصة انكارنا للواقع او بطلان انكارنا للواقع او بالشك في انكارا للواقع فانهم بذلك قد اعترفوا وجود واقع ما ، ولو بشكل الموجبة الجزئية والموجبة الجزئية تكفي لنقض السالبة الكلية والنفي الكلي.