واما ان تعترف بالعلل والأسباب الطبيعية الموجدة لهذه الظاهرة ولا نعترف بخالق ، بل ولا يكون له حينئذ مكان ، ولا للاعتقاد به مبرر.
أم أن هناك طريقاً ثالثاً وهو الاعتراف بالعلة العليا الى جانب الاعتراف والاعتقاد بالعلل الطبيعية أيضاً ، وبأن نسبة هذه العمل الطبيعية الى معاليلها كنسبة الاسباب الى مسبباتها ، ونسبة الكل اليه سبحانه كنسبة الاسباب والمسببات الی مسببها؟
* * *
الجواب :
قبل أي شيء لابد من القول بأن حصر الماديين الموقف من تفسير الظواهر الكونية وكيفية نشأتها في طريقين لا ثالث لهما (وهما اما القول بالعلل الطبيعية أو القول بالخالق المبدع) غير صحيح ، بل هو يكشف عن جهلهم بمعتقد الألهيين ومقالتهم في تفسير تلك الظواهر.
ولو أن الماديين وقفوا على ما يعتقده الالهيون في هذا المجال لما ذهبوا الى مثل هذا الحصر ، بل لقالوا بان هناك ثلاث طرق لا طريقين ، وهي :
١ ـ الاعتراف بالعلة العليا وانكار العلل الطبيعية.
٢ ـ الاعتراف بالعلل الطبيعية وانكار العلة العليا.
٣ ـ الاعتراف بالعلة العليا والعلل الطبيعية معاً على النحو الذي سيأتي.
واليك تفصيل الكلام في ما يعتقده الالهيون في تفسير ظواهر الكون الطبيعية ليتبين لك أن الطرق في بادئ النظر ثلاث ، لا اثنان كما ذهب اليه المادي ان الحق هو الاعتراف بكلتا الحالتين معاً ، بمعنى أن الله سبحانه هو الذي سبب الاسباب وأوجد العلل.