وقال :
(وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) (لقمان ـ ٣٢)
فالمتحصل من هذه الايات أمران :
الأول : أن الأمواج الهائلة ، وما تثيره من المخاوف والاخطار ليست سبباً لخلق وایجاد فكرة الاله الخالق في النفوس والاذهان بل هي سبب للانتباه الی أمر موجود في ضميره اما من ناحية الفطرة أو من جانب العقل وهو الله القادر والالتجاء الى حمايته ، والاحتماء بقدرته.
فلو لم تكن هذه الواسطة (أي كون الاعتقاد بوجود الله أمراً فطرياً أو كون برهانه امراً موجوداً في العقل) لما كان هذا الانتقال إلى الله عند مواجهة المخاوف ممكناً وحاصلا.
الثاني : انه سبحانه يندد بالبشرية على توجههم اليه وتذكرهم اياه في ظرف دون ظرف ، وحال دون حال مع انه كان يجب عليهم أن يتوجهوا اليه سبحانه بحكم فطرتهم ، وقضاء عقولهم في كل الاحايين ، وفي جميع الحالات لا في بعضها.
فان التوجه في حال العسر والشدة اليه سبحانه وان كان دليلا على كون الاعتقاد به أمراً فطرياً لكنه دلیل بارز على كفران الانسان له وغفلته عنه سبحانه في بعض الحالات والاحايين.
* * *