والحقيقة ان منشأ هذه النظرة ليس الا الاغترار والانخداع بالحس والتجرية التي أعطاها بعض الغربيين في فترة التطور العلمي الأخير اعتباراً تجاوز الحدود ، وجعلها معياراً لاثبات الحقائق ونفيها على وجه الحصر.
غير أن الحقائق الحاصلة من نفس التجربة قضت على هذه النظرية وأثبتت ان هناك موجودات كثيرة لا ينالها الحس ولا نخضع للتجربة ، ولكنها مع ذلك موجودة قطعاً.
ان انكار الروح وما شابهها بحجة عدم رؤيتها يشبه من ينفي وجود «الذرة» أو «الميكروب» بحجية انه لا يراها بالعين المجردة فكما ان الادعاء الأخير تافه فكذلك من ينفي وجود «الله» ووجود «الروح» بحجة انه لا يرى لهما أثر في تجاربه!!
والذي يمكن أن يقال في هذا البحث هو ان الموجود المادي هو الذي يقع في نطاق الحس والتجربة فقط وامّا الموجود غير المادي الذي يدعيه الالهي فلا يمكن أن يناله الحس أو تحويه التجربة ، فان حقيقته على نحو خارج عن نطاق الحس والتجربة ومجالهما.
فالصفات الانسانية مثل الحب والكراهة والعلم والجهل والعشق والحزن حقائق لها واقعية حتماً ومع ذلك لا يمكن نفيها بحجة انها غير محسوسة ولا مرئية ، أو لسنا نؤمن جميعاً بوجودها في الاشخاص رغم أنها لا تخضع لسكين التشریح ، ولا نرى لها أثراً تحت المجهر ، وبذلك يتضح بطلان قول من يقول : «أنا لا أؤمن بما لا يخضع للحس» فهذه الكلمة وأمثالها أشبه بالكلمات الصبيانيّة التي لا تستحق الاهتمام لان العلم قضى عليها وحكم عليها بالبطلان غير اننا نعرض لهذه الكلمات والشبهات لترددها على بعض الالسن في عصرنا الحاضر.
ثم ان قول القائل : ليس في مجال الحس والتجربة أي أثر من الله سبحانه