القوانين ، الخالق لتلك السنن ، فتقدم العلم والادراك والاكتشاف يخدم هذا الاعتقاد لا انه يهدده أو يزعزعه لانه كان ولا يزال الطريق المنطقى الى هذا الايمان.
ولهذا فليس الالهي هو من يبحث عن وجود الاله في ما يجهل علله وأسبابه ، وهو الذي لم يزل ـ منذ اول الهي والى الان ـ يستدل على وجود الخالق المدبر بالانظمة السائدة في الكون من دقيقها الى جليلها ، فكيف يعزى اليه انه يثبت وجود الله ويعتقد به بما يجهل فيه الاسباب والعلل الطبيعية من الظواهر الكونية.
ويكفي لمعرفة هذه الحقيقة والتأكد منها الرجوع الى منطق الالهيين واستدلالهم منذ أقدم العصور الى الان فهذا سقراط يستدل في محاورته مع اريستودیم بالنظام على وجود الخالق :
سقراط : الا تری (یا اریستودیم) ان من دلائل التدبير والحكمة أن تمتّع العين ـ وهي ضعيفة ـ بجفون تنفتح وتنغلق عند الحاجة وتنطبق عند النّوم طول الليل ، وأن توهب تلك العين غربالا من اهداب لتقيها فعل الرياح الثائرة ، وأن تمنح لها تلك الحواجب كمیزاب يمنع عنها غوائل العرق المتساقط من الرأس ، وأن تصنع الاذن على صورة لا تكل عن سماع الأصوات ولا يعتاض الحس بها ، وان تعطى جميع الحيوانات اسناناً امامية لقطع الأغذية ، واضراساً جانبية لسحقها ، وأن يكون الفم الذي تدخل منه الحيوانات الأغذية الصالحة لها الى اجوافها موضوعاً قريباً من العينين والمناخير.
أترى نفسك بازاء كل هذه الاعمال التي تدل على تدبير وحكمة ، لا تزال متردداً بين عزوها إلى الصدفة والاتفاق ، وبين اسنادها للحكمة والعلم.؟
قال اريستودیم : لا والاله فان اقل نظر في الكائنات الحية يدلنا على ان هنالك ذات عالم رحیم خلقها وعدّ لها (١).
__________________
(١) الاسلام وعصر العلم الفريد وجدي ص ١٦٣ ـ ١٦٤.