الايام على شيخنا الشهيد (الثاني) المعظم (وهو زين الدين الجبعي العاملی المستشهد عام ٦٥ هجـ) فقال : يا أخي أظن أن أكون ثاني الشهيدين فانی رأيت البارحة في المنام أن علم الهدی (المرتضی) عمل ضيافة جمع فيها علماء الامامية بأجمعهم في بيت فلما دخلت عليهم قام علم الهدي وقال لي : يا فلان اجلس بجنب الشيخ الشهيد (١) فجلست بجنبه فلما استوى بنا المجلس انتبهت ، ومنامي هذا دلیل ظاهر علی كوني تالياً له في الشهادة (٢).
٥ ـ قال سهل بن هارون : اني لمحصل أرزاق العامة بين يدي يحيى البرمكي في داخل سرادقه وهو مع الرشيد بالرقة وهو يعقدها جملا بكفه اذ غشيته سآمة وأخذته سنة (أي غلبه النوم الخفيف) فغلبته عيناه فنام أقل من فواق بكية أو نزح ركية (أي نام قليلا) ثم انتبه مذعوراً فقال : يا سهل ذهب والله ملكنا ، وذل عزنا ، وانقطعت أيام دولتنا ، فقلت : وما ذاك؟ قال : كأن منشداً أنشدني :
كأن لم يكن بين الحجون الى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامر
فأجبته من غير روية ولا اجالة فكر :
بلی نحن كنا أهلها فأبادنا
صروف الليالي والجدود العوائر
قال سهل : والله ما زلت أعرفها فيه وأراها ظاهرة منه إلى الثالث من يومه واني لفي مقعدي ذلك بين يديه أكتب توقيعات في أسفل كتبه لطلاب الحوائج اليه قد كلفني اكمال معانيها باقامة الوزن فيها اذ وجدت رجلا ساعياً إليه حتى أتاه مكباً عليه فرفع رأسه وقال : مهلا ويحك ما أكتم خيراً ولا أستر شراً قال : قتل الرشيد الساعة جعفراً قال : أو فعل؟ قال : نعم. فما زاد آن رمى بالقلم من يده وقال : هكذا تقوم الساعة بغتة (٣).
__________________
(١) أي الشهيد الاول محمد بن جمال الدین المكي العاملي المستشهد عام ٧٨٦ هجـ.
(٢) الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي في ترجمة الشهيد الثاني.
(٣) الاغاني للاصفهاني.