له اثبات نفس جوهر الحديد.
وبعبارة أخرى فان اللامسة مثلا لا تدرك سوى الصفات كالخشونة والنعومة والحرارة والبرودة.
ولهذا استحال على المادي ان يرى غير الافعال المتعاقبة والأفكار والأدراكات المتلاحقة المتصلة الصادرة من جوارح الانسان وجوانحه ويعبر عنها بالانا دون أن تكون لهذه الأنا اية حقيقة مستقلة وراء ذلك ، لديه.
وقد غاب عن المادي انه يلزم من ادراك الحس لمجرد العوارض والصفات دون الجواهر ان لا يتمكن من اثبات المادة وتنوعاتها المختلفة كالشجر والحجر والانسان والحيوان لانه لا يدرك منها سوى عوارضها ، وبهذا ينهار اساس المادية.
واما الالهي فان لديه لاثبات الجواهر طريقاً يعرفه من له المام بموقف الألهين من أدوات المعرفة.
ثم إن الذي يدل على نظرية الالهيين بأوضح الدلالة ـ هو ان الافعال البشرية رغم صدورها عن أعضاء مختلفة ، فالابصار يكون بالعين ، والرفع يكون باليد ، والمشي يكون بالرجل ، والسمع يكون بالاذن ، فان الانسان ينسبها جميعاً إلى مصدر واحد فيقول : أنا شاهدت ، أنا رفعت ، أنا مشيت أنا سمعت.
ولهذا يجب أن نعترف بأن هناك وراء هذه المحمولات «موضوعاً واحداً» تحمل عليه جميع هذه المحمولات ، حتى يصح هذا الإسناد ، والا كانت القضية بلا موضوع ، لان المفروض انه ليس هنا مصداق واقعي للفظة الـ : «أنا» في القضايا المذكورة ، أو كان الموضوع عين المحمول لانه اذا كانت الأفعال المتلاحقة هي «الانا» كما يقول الحسيون ویكون «أنا» مفهوماً منتزعاً من تلك الأفعال يلزم أن يكون «المحمول» في «أكل ـ ذهب ـ ضرب» نفس الموضوع وهو «أنا». وكلا الامرين خطأ بالوجدان ، والبداهة.