فالأنا ليست سوى ما ينتزع من مجموع هذه الأمور لا أنها حقيقة مستقلة يشار اليها بالبنان.
والفرق بين النظر بنين في غاية الوضوح فالأولى تنفد ، بوجود حقيقة مستقلة وراء الأفعال الذهنية والخارجية ، والثانية تنفي وجود مثل هذه الحقيقة ، وتری أن «الانا» أمر انتزاعي ينتزعه الذهن من تراقب الأفمال الخارجية والذهنية الصادرة من جوارح الانسان وجوانح ، وليس هناك شيء آخر وراءها.
ان منشأ النزاع بين النظر بتين إرجع في الواقع الى الاختلاف في «أدوات المعرفة».
فبما أن المادي يكتفي في مجال المعرفة بالحس والتجربة ، ويرفض اغيرهما ، فانه لا يمكن له اثبات «جوهر قائم لنفسه» ، وهذا بخلاف الإلهي فانه ـ لسعة مشربه في مسألة أدوات المعرفة ـ يثبت ان هناك جوهراً واقعياً وراء الافعال الصادرة عن الأعضاء والجوارح ، نشير اليه بالانا.
واليك توضيح ذلك :
ان الفلسفة الاسلامية قسم الموجود الى نوعين : جوهر وعرض.
والجوهر هو الموجود القائم لنفسه غير المعتمد في وجوده على شيء الحجر والشجر والحيوان.
والعرض هو الحالة التي تقوم بذلك الجوهر وتعرض عليه ، مثل الحالات النفسية ، والعوارض الجسمانية كالطول والعرض والعمق ، والثقل.
ولما كان المادي لا يعتمد الا على الحس امتنع عليه أن يدرك الجواهر ، لان الحس لا يدرك سوى الأمراض الثقل والخشونة ، واما نفس الجوار فلا تخضع للتجربة ولا ينالها الحس.
ان الحس لا يدرك سوى الامتداد في الحديد عند مس الحرارة ، ولا يمكن