وهذا الأمر مما يتساوى فيه الالهي والمادي ، ولا يمكن أن ينكره أحد (١).
غير أنه يجب علينا أن نتعرف على تلك الحقيقة المعبر عنها بالانا ، التي يسند كل انسان اليها أفعاله الذهنية (مثل فكرت وتصورت وحسبت) والخارجية (مثل كتبت ، طالعت ، اشتريت) أو يضيف اليها أعضاءه وجوارحه.
هناك موقفان في هذا المجال موقف للالهين وموقف للماديين ولكل حجته.
واليك فيما يلي استعراض موقف الإلهي ، والمادي في هذا المجال ثم استعراض حجتهما على ذلك.
نظرية الالهيين :
يعتقد الالهيون بأن «الانا» التي ينسب اليها كل انسان أفعاله وأعضاءه تشير الى «حقيقة مستقلة» وراء الأفعال والاعضاء ، هي منشأ كل تلك الفعاليات الانسانية الذهنية والعملية.
نظرية الحسيين :
يعتقد الحسيون ـ الذين لا يعتمدون في أبحاثهم وتحليلاتهم على غير الحس والتجربة ـ بأنه ليس هناك سوي مجموع الأفعال والافكار والتصورات البشرية المتلاحقة المتعاقبة.
__________________
(١) قال العلامة الطباطبائی فی تفسیر المیزان : «لم يزل الإنسان فيما نعلم ـ حتی ان الاولى ـ يقول في بعض قوله : «انا» «ونفسي» يحكى به عن حقيقة من الحقائق الكونية وهو لا محالة يدري ما يقول ويعلم ما يريد غير ان انصراف همه الى تعبئة أركان الحياة البدنية واشتغاله بالاعمال الجسمية لرفع الحوائج المادية يصرفه عن التعمق في أمر هذه الفس المحكی عنها بقوله : «أنا ، ونفسي ، وربما ألقى ذلك في وهمه ان ذلك هو البدن لا غير (راجع الميزان ج ٦ ص ٨).