المجرد لا يأتي عليه التغير والدثور ، والروحيون وان أثبتوا بقاءها عند انحلال الجسد وتبعثره بأدلة تجريبية غير ان ما ذكروه بتمامه يخرج عن اطار الاختصار الذي نتوخاه في هذا الكتاب.
والذي يجب ان يقف القارئ المسلم عليه هو أن بقاء الروح المستلزم لتجرده من المعارف التي نص عليها الكتاب العزيز منذ نزوله ، حيث صرح بأن الموت لا يعني فناء الانسان الكامل بل هو بوابة مشرعة من عالم ضيق زائل الى عالم فسيح خالد ، وان مهمة «ملك الموت» ليست أكثر من نقل الانسان من ضيق الدنيا إلى فسحة العالم الاخر ، فالموت على هذا نقلة من عالم الى آخر.
نعم كان بعض العرب الجاهليين يزعمون أن حقيقة الحياة أمر مادي ، وان الموت هو فناء الانسان بشخصه وشخصيته ، بصورته ومعناه ، وقد نقل القرآن الكريم منطقهم هذا اذ يقول :
وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (الانعام / ٢)
ان القرآن يخبر عن استمرار حياة الانسان بعد خروج روحه من الجسد ، وفناء ذلك الجسد حتی قبل يوم القيامة. والذين يزعمون ان حقيقة الحياة عبارة عن التفاعلات الكيمياوية والفيزياوية المخ والأعصاب ، وان الحياة ستنتهي مع تفكك الجسد ، وانحلال الأعصاب ، وتوقف المخ عن التفاعلات ، اما انهم مادیون ، واما انهم يتفوهون بمقالتهم عن غير التفات.
الفلاسفة الاغارقة والمسلمون وخلود الروح
علی ان بقاء الروح وخلودها بعد انحلال الجسد وتفككه مما اهتم به الفلاسفة