والحاصل ان الاشكال المذكور مبني على انكار وصف «الكاشفية الذاتية» للعلم.
قال العلامة «الطباطبائي» : «ان الاعتراف بوجود حقائق خارجية يتعلق بها العلم والادراك لا يستلزم حضور الحقائق بواقعياتها الخارجية عند تعلّق علمنا بها ، حتى يصير مآل العلم بها وصول العالم الى نفس واقعية الاشياء بما لها من الاثار ، بل يكفي في الانكشاف وتعلق العلم كونها حاضرة عند المدرك بصورتها الذهنية التي تحكي عنها.
وان شئت قلت : ان الحاضر بذاته عند المدرك وان كان هو الصور العلمية دون الهوية الخارجية ، ولكن الصورة العلمية تحمل وصفاً ذاتياً وهو وصف الكشف عن واقع سواها.
والقائل نظر الى العلم بما هو هو أي بالنظر الاستقلالي لا بالنظر الالي والطريقي فألغى جهة كشفه ، وطريقيته» (١).
والفيلسوف المؤمن بالاشياء الخارجية لا يروم من الوصول اليها أزيد من هذا ، ولا تجدن أحداً يدعي بأن حقيقة العلم هي الوقوف على الواقعية الخارجية وحضورها بنفسها (أي بلا واسطة الصورة الذهنية) عند المدرك.
وحيث أن هذه النظرية ـ برمتها ـ نظرية تافهة بل ومهجورة ، ولا قيمة لها في ميزان النظريات ، ولا أنصار لها بين أصحاب الفكر والرأي ، مضافاً الى ان هذه الأبحاث تتوقف على البحث في «نظرية المعرفة» بصورة مفصلة وموسعة فاننا نكتفي بهذا القدر من البحث في هذه النظرية ، وننتقل إلى دراسة بقية النظريات المطروحة لتفسير الظاهرة الكونية.
كما ونكتفي بایراد ما ذكره العلامة «الطباطبائي» حول هذا الموضوع ،
__________________
(١) اصول الفلسفة ج ١ ص ٨٦ ـ ٨٧.