٤ ـ المدرك هو الصور العلمية لا غير :
ان الاعتقاد بوجود الأشياء خارج اذهاننا يقوم على اساس اننا نراها ونلمسها مع ان الذي نلمسه ليس الا صور ذهنية ، وهذا ليست الأشياء التي ندركها سوى أفكار.
وبعبارة أخرى : كل ما قصدتا نیل شيء من الاشياء الخارجية ، لم ننل عند ذلك الّا العلم به لا نفسه ، فكيف يمكن أن ندعي امكان الوصول الى الشيء نفسه.
قال «جوزج باركلي» : (اذا كنا لا ندرك بالحواس غير المعاني والصور فقط ، دون أن ينتقد ادراكنا إلى الأشياء المادية مباشرة ، فلا مجال للعلم ـ بعد ـ بوجود العالم المادي» (١).
وتجيب على ذلك بأن الواقعيين لا يدّعون بأن الانسان ينال نفس الواقع الخارجي مع ما له من الاثار ، وانما يدّعون بأنه ينال الخارج عن طريق الصور الذهنية.
والاشكال انما حصل من الخلط بين تصور كون الصور الذهنيّة اموراً واقعيّة في عالم الذهن كسائر الأشياء ، وبين كونها مرایا تعكس الخارج ، والخياليون نظروا الى «العلم» من الزاوية الأولى ، واعطوا له موضوعية في جانب سائر الصفات الانسانية كالحسد والبخل والجبن ، والحال لو اننا نظرنا الى العلم من الزواية الثانية ، أي بما هو حاك عن الواقع وعاكس له على شاشة الذهن لما بقي للاشكال أي مجال ، ولهذا يسمى «العلم» اذا لوحظ من الزاوية الأولى بالعلم الموضوعي واذا لوحظ من الزاوية الثانية بالعلم الطريقي.
__________________
(١) تاريخ الفلسفة الحديثة ص ١٦٢ ـ ١٧.