فان كثيراً من الانقلابات العظمى في التاريخ البشري قد تحققت أثر قيام شخص أو أشخاص معينين من المصلحين بتوعية الناس وايقافهم على ما يحيط بهم من الفساد والانحطاط الأخلاقي والمعنوي وما يؤول اليه أمرهم من السقوط في حضیض الحيوانية اذا استمروا على هذه الوتيرة ، فنهض الناس على أثر توعية هؤلاء المصلحين المخلصين ، وأطاحوا بالأوضاع السائدة والأنظمة القائمة بمحض ارادتهم ، رغم أنهم كانوا يعيشون في الأغلب حياة الرفاهية من الجانب المادي ولم تكن ثمة اية تناقضات اجتماعية داخلية.
وربما طالت المدة حتى استيقظ الناس وأثرت فيهم دعوة المصلحين ، فعرفوا الحقائق بعد زمن وأدركوا بعد لاي ما كشف عنه المصلحون ، وعلموا بخطورة الموقف ثم نهضوا نهضة رجل واحد في وجه الأنظمة السائدة حتى استأصلوها من جذورها ، وتخلصوا منها وأقاموا مكانها أنظمة صالحة تضمن كرامة الناس وتوفر حياة الطهر والحق والصلاح لهم.
وفي هذه الحالة لم تكن التبدلات الكمية عللا لحدوث التبدلات الكيفية في المجتمع البشري ، بل لم تكن من التبدلات والتغيرات في مجال وسائل الانتاج أي أثر في تلك المجتمعات ، وانما نهضت تلك المجتمعات في وجه أنظمتها السائدة لفساد القيمين عليها وانحرافهم وخيانتهم وابتعادهم عن جادة الدين الصحيح ، وتنكبهم عن طريق العقيدة الالهية ، ولخيانتهم لتعاليم الانبياء المقدسة.
فهذه هي الثورة الحسينية لم تخضع للقانون المذكور ، بل نهض الامام الشهيد «الحسين» عليه السلام في وجه الطاغية «يزيد» لطغيان يزيد وفساده ، وانحرافه عن جادة الدين ، بل ومعاداته لتعاليم النبي ، وهي حقيقة يلخصها الامام «الحسين» عليه السلام حيث يقول :
«اللهم انك تعلم انه لم يكن ما كان منا تنافساً في سلطان ،