والنفس ، فان ما تسميه الماركسية بالبنية الفوقية لا تتغير بسبب التغيرات الحاصلة في البنية التحتية ، بل هناك عوامل لهذا التغير في البنية الفوقية (أعني الدين والاخلاق والآداب والفن وغير ذلك) من الغرائز وتلاقي المجتمعات ، والأحاسيس وتأثير الشخصيات وغير ذلك مما مر ذكره ، في مطلع نقاشنا للاسس الديالكتيكية.
٣ ـ تصحیح وتبرير كل عمل عدواني ، وكل رذيلة يرتكبه النظام الماركسي للوصول إلى مآربه ، فانهم بهذا الأصل يريدون أن ينكروا قداسة جميع القيم الاخلاقية والمثل الانسانية المقدسة بحجة انهم لو ارتكبوا جريمة هنا ، فانه بحكم كونه يرتبط بفائدة أخرى في مكان آخر ، أو لكونه يشد من ساعد الثورة الشيوعية لا يصح اللوم عليها ، لان النظر الشمولي الى الاحداث والظواهر الاجتماعية ـ بناء على أصل الارتباط العام ـ يقتضي أن ننظر الى الامور والاحداث والظواهر من حيث المجموع لا بنظرة تجزيئية وتجريدية.
وقد صرح بهذا اقطاب الماركسية مثل «لينين» واشباهه ولهذا أنكروا الاخلاق وتنكروا للقيم ، وجعلوا المقياس الحزبي فوق كل مقياس ، والمعيار الثوري فوق كل معیار.
وهذا هو الأصل الميكافيلي : «الغاية تبرر الواسطة» وهو ولاشك أخطر فكرة على البشرية اذ معها لا يبقى للاخلاق والحدود والحقوق والقيم الإنسانية أي وجود ولا تقوم لها أية قائمة.
الى هنا انتهى نقد النظرية المادية الديالكتيكية بأسسها الأربعة ، وتبين عدم صحة تفسير نشأة الكون بها.
ولاشك أن البحث في هذه الأسس يحتاج الى مجال أوسع ولكننا استكمالا الهذا البحث الاعتقادي تناولنا هذه النظرية بشيء من النقد والتحليل راجين أن تعود الى دراستها وتحليلها ونقدها في وقت آخر ان شاء الله.