جميع المحاولات في التوفيق بين تلك الأفكار الدينية القديمة ، وبين مقتضيات المنطق والتفكير العلمي ، نجد هؤلاء المفكرين يتخلصون من الصراع بنبذ فكرة الله تعالی كلّية» (١).
٢ ـ عدم وجود فلسفة جامعة وصحيحة
لم يتوفر خلال التحولات التي وقعت في الغرب (٢) ، وأتت على الكثير من الفروض والنظريات الفلسفية والرياضية والطبيعية والفلكية السائدة ، أيّ منهج فلسفي رصین وصحیح يستطيع ان يعالج ما برز عند العلماء والمفكرين من مشاكل فكرية وشبهات اعتقادية في مجال المعارف الالهية ، ولم يتح عرض أصول الفلسفة الالهية ومبادئها ومفاهيمها فيما يتعلق بالله سبحانه وصفاته وأسمائه وكل ما يتعلق بما وراء الطبيعة عليهم.
فانّ العالم الغربي كان اذا حصلت له بعض الشبهات لم يجد منهجاً فلسفياً اعتقادياً ، صحيحاً وجامعاً يتلقى منه اجابات شافية ومقنعة تريح وجدانه ، وترضي عقله ويستريح اليها فكره ، وتزيح شكوكه وتبدد حيرته.
وقد كان فقدان هذا الأمر هو أحد العوامل القوية في اعراض بعض العلماء والمفكرين في الغرب عن الدين ، والاقبال على المادية والالحاد ، وفيما يأتي نذكر شواهد على ذلك للبرهنة على مدى تأثير خلو الساحة الغربية من مثل هذا المنهج الفلسفي الاعتقادي القادر على حل المشكلات وعرض المفاهيم الصحيحة :
* * *
__________________
(١) الله يتجلى في عصر العلم ص ٣٢.
(٢) خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.