جميعاً ، شأنها شأن بعض النظريات القديمة التي تهاوت تحت مطارق العلم الحديث ، والكشوف الجديدة.
الغرور العلمي الكاذب :
وقد ذكرنا أن هذا هو طبيعة كل ثورة في أية أمة من الأمم ، فانها تثور على كل شيء يتصل بالعهد المباد وكل ما يرتبط بالقديم من دون أن تفرق بين. الحق والباطل ، والصحيح والخطأ.
ويشتد هذا الامر اذا رافقه شيء من الغرور الحاصل بسبب النجاحات المحرزة في بعض الحقول.
والحق أن الغرب قد أحرز ـ في تلك الفترة ـ بعض النجاحات الباهرة في ميادين العلوم ، فقد استطاع بفضل جهود المحققين والعلماء الدوبة أن يكتشف بعض النواميس والقوانين الحاكمة في الطبيعة وجملة من اسرارها ، ولكنهم تصوروا انهم اكتشفوا كل شيء ، ووقفوا على جميع الحقائق ، وفتحوا جميع الاغلاق ، وجابوا جميع الأفاق ، وان ما اكتشفوه ـ رغم ضئالته بالنسبة الى عظمة الكون وكثرة اسراره ـ يكفي لابطال كل ما يتصل بالقديم او التشكيك فيه ، والاعراض عنه.
وقد صرح بعضهم بذلك وها نحن نذكر نموذجين من كلماتهم : قال «بطرس بیل» (١٦٧٤ م) ان الالحاد أفضل من التمسك بالأضاليل.
وقرر البارون هولباخ الألماني في كتابه نظام الطبيعة أن كل شيء محصور في الطبيعة وان كل ما يتخيل وراءها وهم في وهم (١)
غير ان هذه التصورات لم تكن الا غرورا بالغا جدا بالنسبة الى عظمة الكون
__________________
(١) على اطلال المذهب المادي ج ١ ص ٣.