٥ ـ الثار من محاكم التفتيش الكنسية
يعتبر سلوك أرباب الكنائس في الغرب مع كل من كان يعارض أفكارهم حتی الباطلة منها ـ من العوامل والدوافع القوية التي دفعت بعض المفكرين والعلماء والمثقفين نحو المادية.
فمحاكم التفتيش التي أقامها أرباب الكنيسة لمحاكمة كل من كان يخالف مايعتقدونه من آراء وأفكار ، وما اقترفته هذه المحاكم من جرائم بحق العلماء الطبيعيين الذين توصلوا الى بعض الحقائق في الطبيعة نتيجة التجارب ، والملاحظات العلمية ، كان لها أثر كبير في تخلي طائفة من هؤلاء العلماء عن الدين ، والاقبال على المادية.
بل قد أقدمت تلك المحاكم علی ابادة كل من ارتد عن المذهب الكاثوليكي الذي كان سائدة آنذاك في اوربا واعدامه حرقاً بالنار.
لقد تحولت هذه المحاكم من ملاحقة ومعاقبة المرتدين عن العقيدة الكاثوليكية الى ملاحقة ومعاقبة العلماء والمفكرين ، وكل من ينقد أويشك في صحة ما ذكره القدامی من آراء في الكون والطبيعة ، بحجة أنها حركة موجهة ضد الكنيسة وكتبها.
ويقدر أحد الكتاب النصارى ان عدد من عاقبتهم هذه المحاكم يبلغ ثلثمائة ألف ، احرق منهم اثنان وثلاثون ألفا أحياء كان منهم العالم الطبيعي المعروف «برونو»الذي نقمت منه الكنيسة وحكمت عليه بالقتل واقترحت بأن لاتراق قطرة من دمه وكان ذلك يعني أن يحرق حيا وكذلك كان (١).
__________________
(١) ماذا خسر العالم بانحلال المسلمين ص ١٤.