منها» فكيف يمكن أن يسكت عليها أو يرضى بها العلماء والمفكرون؟
ولهذا السبب مضى بعض العلماء في الغرب يلهبون مشاعر العداء لدى الناس الذين قلما سلموا من مخالب هذه المحاكم ، وراحوا يثيرونها ضد الكنيسة وأصحابها فكان ذلك العصيان الكبير والتمرد الشامل ضد الدين وما يرتبط به من تعاليم وأجهزة ومؤسسات. فلم تكن الكنائس وأربابها هم الذين وحدهم عرضة لنقد الناقدین ، واستهزاء المستهزئين ، وعداء الجماهير ، بل تعرضت المسيحية نفسها ـ باعتبارها تمثل العقائد الدينية التي باسمها قتل من قتل واحرق من احرق ـ لذلك النقد والاستهزاء والعداء.
ولكن لم يمض وقت طويل حتی عادت تلك المجتمعات ـ وبعد تلك الثورة العاصفة التي شملت الصحيح وغير الصحيح ، والعصيان الغاضب على الكنيسة وأربابها وتعاليمها ـ عادت الى رشدها ، وبدأت عملية الفرز بين ماهو الصحيح من العقائد الدينية وما يرتبط بها من ثقافة وعلم وأخلاق وآداب ، وما هو غير صحيح من آراء ودسائس رجال الكهنوت المسيحي ، وممارساتهم المنحرفة ومواقفهم الباطلة من العلم والمعرفة ، فاذا بالعلماء والمفكرين يعودون الى حلية الأيمان ، والاعتقاد بالمفاهيم الفلسفية الصحيحة في ضوء ما اكتشفوه من قوانین ونوامیس وأنظمة وحقائق في الكون الفسيح ونظامه البديع ، وقد أعلنوا ذلك كله في ما كتبوه ونشروه من مقالات وكتب (١).
والعجيب أن بعض الشباب المنخدعين ببعض الكتابات المترجمة تصوروا ان مطلق الأديان تعارض العلم ولم يعرفوا ان الذي يعارض العلم والمعرفة انما
__________________
(١) ولعل أفضل ما في هذا المجال هو كتاب الله يتجلى في عصر العلم الذي يحتوي على ما يقرب من ثلاثين مقالا حول وجود الله وبعض صفاته بقلم علماء واختصاصيين في مختلف العلوم الطبيعية.