كما انه يصف الله سبحانه بأنه منزّل السكينة في قلوب المؤمنین به اذ يقول :
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّـهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (الفتح ـ ٤)
غير انّ الفرق بين النظرية التي طرحها فرويد وهذا الأمر واضح لا يخفى على المتأمل البصير ، فان ذلك العالم النفساني جعل تحصيل الاطمئنان والاستقرار والسكينة علة موجدة ، وسبباً باعثاً على ايجاد «فكرة الاله».
وأما القرآن فهو يجعل حصول كل هذه الأمور من نتائج ذكره سبحانه ، ومن آثار التوجه الله تعالی.
وأما الانتباه الى وجوده سبحانه فهو امّا من طريق الفطرة أو من طريق البرهان ليس الا.
ثم أن القرآن يشدد النكير على كل من يصف الله سبحانه بالابوة كما تفعل النصارى الذين يعدونه أباً ، وينزلونه منزلة الوالد فيقول :
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (الشوری ـ ١١)
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات ـ ١٨)
ولا شك أن فرويد قد تأثر في تقييمه لمسألة العقيدة الدينية بالفكرة المسيحية حول الله وهي فكرة الابوّة والبنوّة الالهية التي يستنكرها القرآن ويشجبها بشدة ويهاجمها بعنف اذ يقول :
مَا كَانَ لِلَّـهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (١) (مریم ـ ٣٥)
__________________
(١) ولقد ورد هذا المضمون في آيات عديدة أخرى هي البقرة ١١٦ ، ويونس ٦٨ ، والاسراء ١١١ ، والكهف ٤ ، والأنبياء ٢٦ ، والفرقان ٢ ، والزمر ٢ ، والجن ٣ ، وغيرها.