كيف يمكنه أن يصدّق بان كل ذلك قد وجد صدفة دون خالق مبدع حكيم ، اليس لكل بناء بان ، ولكل كتاب مؤلف ، ولكل مصنوع صانع؟
كما لا يمكنه أيضاً بان يصدّق بان هذا الوجود لا ينطوي على هدف ، وان هذه الحياة لا ترمي الى غاية وهل يقبل العقل السليم ذلك ويرتضيه؟
ولقد انقسم الناس تجاه هذه الاسئلة الملحة إلى صنفين :
أ ـ من بقي في حالة الشك والحيرة لانه لم يجشم نفسه عناء البحث والتحقيق.
ب ـ من بحث وحقق وفحص ولاحق فاهتدى إلى الحقيقة ، وعرف بان لهذا الكون خالقاً وان لهذا الوجود غاية ، وان لهذه الحياة هدفاً ، وانه ما من شيء في صفحة هذا العالم الفسيح الا ويجري وفق تخطيط حكيم ، وقصد صحیح فلا صدفة ولا فوضى ولا عبثية.
ولقد كان طبيعياً أن يحظى هذا الفريق بالارتياح ودعة الضمير لانه عرف مبدأه ومنتهاه ، وابصر مسيره ومصيره ، فلم يكن كالسائر في متاهة ، العايش في الفراغ.
كما كان من الطبيعي والبديهي أن يعاني الفريق الأول من القلق النفسي والاضطراب الروحي بسبب شكه ، وحيرته ، فالشك والجهل بالماضي والحاضر والمستقبل حالة قاتلة وقاسية تعكر صفو الحياة ، وتقضي على كل بهجة وتجعل المرء كمن يمشي في تيه.
ولما كانت هذه الاسئلة الملحة لا تختص بمن مضى من البشر بل تراود كل أحد حتى في هذا العصر ولما كان البقاء في حالة الشك والحيرة أمراً مضنياً ، بل وخطراً للغاية على حياة الانسان ، لزم البحث عن الأجوبة الشاقية على هذه الأسئلة للتخلص من جحيم الشك القاسي ، والحيرة القاتلة.