على المولى حفظ المكلّف عن ذلك بنهيه عنه وإن توقّف ذلك على رفعه لليد عن ترتيب آثار النهي على التصرّف الخروجي من العقاب عليه. وعليه يرتفع المانع عن النهي الفعلي عن البقاء حتّى بمقدار التصرّف الخروجي ، فيكون التصرّف البقائي محرّما بجميع أجزائه والتصرّف الخروجي غير محرّم ولا مبغوض من أوّل يومه ـ حينما تصوّره المولى وعلم توقّف ترك البقاء عليه ـ فلا يكون الدخول حينئذ من سوء الاختيار بالنسبة إلى الخروج.
إن قلت : إنّ النهي عن البقاء ـ مع وقوع الخروج معصية ومعاقبا عليه ـ إنّما يكون قبيحا إذا لم يرخّص فيه العقل ، والمفروض أنّ العقل يرخّص فيه ، بل يلزم المكلّف باختياره من باب اختيار أقلّ القبيحين.
قلت : مدار قبح التكليف على عدم السبيل للمكلّف إلى الامتثال إمّا واقعا أو بمنع من المولى أو لأجل عقاب منه على فرض الامتثال كما في المقام لو قلنا بترتّب العقاب على الخروج ، فلا بدّ للشارع إمّا ألا ينهي عن البقاء ، أو لا يعاقب على الخروج.
نعم ، بعد فرض جواز ذلك ، العقل يحكم باختيار أقلّهما قبحا.
هذا ، مع أنّا نمنع حكم العقل باختيار المبغوض الشرعي ؛ فإنّ حكمه ناشئ عن درك الملاءمة الفعليّة ولو ملاءمة عرضيّة ناشئة عن توقّف واجب أو ترك حرام على الفعل ، فما لم يصر الفعل ملائما لم يحكم العقل باختياره ، ولا شيء من المبغوضات الشرعيّة ملائما للعقل ، فينتج ألا شيء ممّا يحكم به العقل مبغوضا فعليّا للشارع. فمهما كان حكم من العقل يعلم عدم المبغوضيّة الشرعيّة.