ولازم ذلك أنّ الحكم في كلّ من العامّ والخاصّ إذا كان إلزاميّا كان مورد الاشتباه من جزئيّات دوران الأمر بين المحذورين ويجري عليه حكمه.
نعم ، إذا كان الإجمال والتردّد بين متباينين ـ فلم يعلم بخروج هذا الفرد أو ذاك ـ لم يكن بدّ من فعل أحدهما وترك الآخر ؛ لحصول المخالفة القطعيّة لأحد خطابين بتركهما أو فعلهما.
وإن كان الحكم في أحدهما إلزاميّا كان مورد الاشتباه من الشكّ في المكلّف به إن كان إجمال الخاصّ لأجل التردّد بين متباينين فيحتاط في أطراف الاشتباه. وإن كان إجماله لأجل التردّد بين الأقلّ والأكثر دخل في الشكّ في التكليف. ففي ما إذا وجب إكرام العلماء وقام الدليل على حرمة إكرام زيد وتردّد زيد بين شخصين كان الاشتباه في كلّ من الشخصين ، وبين الوجوب والتحريم ، ولكن لا يجوز له إلّا اختيار إكرام أحدهما وترك إكرام الآخر. وفي هذا المثال بعينه إذا كان حكم الخاصّ ترخيصيّا وجب الاحتياط بإكرام الشخصين ، وبالعكس إذا كان حكم العامّ ترخيصيّا فإنّه يجب الاحتياط بترك إكرام كليهما. هذا في المردّد بين المتباينين.
وكذا الحال في المردّد بين الأقلّ والأكثر فإذا دلّ دليل في المثال على حرمة إكرام فسّاق العلماء ، ثمّ تردّد الفاسق بين مطلق مرتكب الذنب وبين مرتكب خصوص الكبائر ، تردّد الأمر في مرتكب الصغائر بين الوجوب والحرمة وحكمه حكمه. وإذا كان أحد الدليلين ترخيصيّا كان المرجع في مورد الاشتباه أصالة البراءة. هذا في الاشتباه في الشبهة المفهوميّة.
وكذا الحال في الاشتباه في الشبهة المصداقيّة بلا وجه للتفرقة بين الشبهتين ؛ فإنّه إن بني على التمسّك بالعام في الاشتباه المفهومي وجب التمسّك به في الاشتباه المصداقي وإن لم يتمسّك به هنا لم يتمسّك به هناك ؛ فإنّ المقامين من حيث مناط المنع والجواز متشاركان ؛ فإنّه إن كان بناء العقلاء وأهل المحاورات على الأخذ بالعموم حتّى تقوم حجّة على الخلاف كان العامّ حجّة في المقامين ؛ لأنّ البيان وإن تمّ من المولى بالنسبة إلى الخاصّ لكن ما لم يحرز صغراه لم تكن الحجّة تامّة. وإن كان بناؤهم على الأخذ بالعموم حتّى يأتي بيان على الخلاف وإن لم تكن حجّة لزم طرح العامّ في المقامين ؛ لأنّ البيان المذكور قد أتى في