المقامين فأوجب حسب المبنى انفصام العام. وإن لم يكن البيان المذكور بنفسه أيضا حجّة لعدم العلم بصغراه ، فيكون ما ليس بحجّة قاطعا لحجّيّة الحجّة.
هذا على مبنى القوم ، وإلّا فنحن نرى تماميّة الحجّة ببيان الكبريات الكلّيّة وإن لم تنضمّ إليها معرفة الصغريات الخارجيّة.
وبالجملة : الصورتان حكمهما واحد ، ثمّ هما وباقي الصور حكمها واحد ، ولا فرق بين صورتي اتصال المخصّص وانفصاله وبين كون دليل الخاصّ عقليّا أو نقليّا.
ويوضّح ما قلناه أنّ تخصيصا واحدا يشتمل على مخالفة واحدة للظاهر ، إن خرج به واحد أو خرج به ألف. فإذا قام دليل على التخصيص أوجب ذلك ثلمة في العامّ ، فإذا شكّ في مقدار الثلمة وأنّ العامّ قد وقف على أيّ حدّ وحوى أيّ مقدار من الأفراد لم يكن أصل يعيّن ذاك ويحكم بقلّة الخارج بعد أن كانت مخالفة الظاهر على كلّ حال واحدة. وإنّما تجري أصالة عدم تخصيص زائد فيما إذا كان إخراج الزيادة بتخصيص آخر غير التخصيص المتيقّن.
نعم هنا شيء وهو أنّه إذا ورد عامّ وورد ما يخالفه بالعموم من وجه أو دلّ العقل عليه ، ثمّ لم يعلم حصول التداخل بين الدليلين في شيء من مصاديقهما الخارجيّة مثل ما إذا ورد «أكرم العلماء» وورد «لا تكرم أعدائي» واحتمل أنّ المولى علم بعدم وجود العدوّ في شيء من أفراد العلماء ـ فلذا أتى بالخطابين على وجه العموم ـ حكم بأنّ الأمر كذلك عملا بأصالة العموم في الخطابين ، بل يرتّب سائر آثار غير العدوّ أيضا على العلماء ، وسائر آثار عدم العلم على الأعداء. هذا إذا احتمل عدم وجود العدوّ في العلماء.
أمّا إذا علم بوجود العدوّ وشكّ في عددهم بين الزائد والناقص لم يجز التمسّك بالعموم في شيء من موارد الاشتباه ؛ للعلم بانثلام العامّ بمقدار العدوّ الواقعي وقد شكّ في عددهم. ولا وجه للفرق بين ما إذا كان الدليل على التخصيص عقليّا ، وبين ما إذا كان الدليل عليه لفظيّا قصرا للخارج في الأوّل بالمعلوم عداوته من الأفراد ؛ إذ العقل بقوّته النظريّة يحكم على العنوان كالدليل النقلي ، وإن كان بقوّته المحرّكة لا يحرّك إلّا نحو الأفراد المعلوم عداوتهم ، لكنّ المعيار في التخصيص على الأوّل دون الثاني.
وممّا يلزم القائلين بحجّيّة العامّ في الشبهات المصداقيّة هو أن يحكموا برجحان كلّ ما