السيّال ، وتلك القطعة هى القطعة الحاملة من الذات للمبدا على سبيل خروج القيد ودخول التقيّد. والمراد بالذات ما يعمّ المبدأ نفسه ؛ فإنّه ذات من الذوات. ولا إشكال أنّ الشيء واجد لنفسه ، فكان المبدأ أيضا ممّا ينطبق ويطلق عليه المشتقّ ؛ لأنّه واجد للمبدا الذي هو نفسه. فلذلك يطلق الأبيض على نفس البياض ، والموجود على نفس الوجود.
وأمّا عدم إطلاق كثير من المشتقّات على مبادئها ـ كضارب وقاتل واكل إلى غير ذلك ـ فذلك من جهة أنّ النسبة المأخوذة في تلك المشتقّات هي نسبة صدوريّة ؛ وإذ لا نسبة صدوريّة بين المبدأ ونفسه فلذلك لا يطلق على نفس المبدأ ؛ حيث إنّ الشيء لا يكون علّة لنفسه ، فيختصّ إطلاق المشتقّ على المبدأ بمشتقّ لم يؤخذ في مفهومه سوى الوجدان والتحمّل للمبدا.
وهذا الذي قلناه هو معنى ما ذكروه : أنّ الفرق بين المشتقّ ومبدئه هو أنّ المشتقّ لا بشرط ، والمبدأ بشرط لا. يريدون به أنّ المشتقّ يطلق على كلّ من الذات والمبدأ ، ومفهومه مفهوم صادق على كلّ من الأمرين بخلاف المبدأ ؛ فإنّه يختصّ إطلاقه بنفس المبدأ. ويريدون به أنّ الفرق بين الحدث الكائن في لفظ المصدر ، أو كلّ ما كان هو مبدأ المشتقّات ، وبين الحدث الكائن في سائر المشتقّات هو باللابشرطيّة والبشرطلائيّة ، يعني أنّ هذا حدث ساذج ؛ ولذلك يأبى أن يطلق إلّا على نفس الحدث ، وذاك الحدث لا يأبى أن يكون معه غيره ، فذلك يطلق على نفس الحدث وعلى الذات الواجد للحدث.
ثمّ إنّهم استدلّوا على بساطة معنى المشتقّ بأنّه لو كان مركّبا ، فإمّا أن يكون مركّبا من مفهوم الشيء ، أو يكون مركّبا من مصداق الشيء ، وكلّ منهما باطل ، فالمقدّم باطل.
أمّا بطلان الأوّل فبلزوم دخول العرضي في الفصل ، وأمّا بطلان الثاني فبلزوم انقلاب مادّة الإمكان في القضايا الممكنة إلى الضرورة ؛ لضروريّة ثبوت الذات لنفسه (١).
وهذا الاستدلال غريب ؛ لأنّه إثبات اللغة بما يصان به كلمات أهل المعقول من الخطأ ، مع أنّه يتّجه عليه :
__________________
(١) المستدلّ هو مير سيّد شريف جرجاني في حاشيته على شرح المطالع عند قول الشارح : «والمشتقّ وإن كان في اللفظ مفردا إلّا أنّ معناه شيء له المشتقّ منه». راجع شرح المطالع : ١١.