أوّلا : بأنّ دخول العرضي في الفصل لا يضرّ بالفصل ولا يخرجه عن الفصليّة. وليس معنى كون الناطق فصلا ذاتيّا للإنسان أنّه بتمام مدلوله فصل ذاتي ، بل معناه أنّ به يحصل الفصل وبه يمتاز الإنسان عن غيره ممّا يشاركه في الحيوانيّة ، ولو كان ذلك حاصلا بجزء من مدلوله.
وأمّا انقلاب مادّة الإمكان إلى الضرورة فتوهّم ناشئ من حسبان أنّ الذات على تقدير دخوله في المشتقّ يكون هو المحمول ، ويكون حمل المبدأ على هذا الذات بحمل آخر ، وهو باطل ؛ فإنّ الحمل حمل واحد متوجّه على الذات المقيّد بقيد «ممكن» ؛ وثبوت الذات المقيّد بقيد إمكاني لنفسه يكون على وجه الإمكان لا محالة. فالتقييد بقيد «ممكن» سابق على الحمل ومأخوذ في بطن المحمول لا أنّه لاحق على الحمل وطارئ على المحمول بعد الاتّصاف بالمحموليّة ليلزم الانقلاب المذكور.
وثانيا : أنّ هذا البرهان كما يبطل التركيب ، كذلك يبطل البساطة ـ بمعنى المفهوم المنتزع من الذات والمبدأ ـ ويثبت كون المشتقّ عبارة عن نفس المبدأ ؛ لأنّه الفصل ، ولأنّه الذي يكون ثبوته للذات على جهة الإمكان ، وهذا ممّا لا يرضي به المستدلّ.