ولذلك أمر الله نبيه بألا يقهر يتيما ، فقال تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (٩).
[الضحى : ٩]
وقد أمر المؤمنين الصادقين أن يضموا اليتامى إلى أسرهم ، ويكونوا كأولادهم ، حتى لا يشعروا بذل اليتم ، فقد قال تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ). [البقرة : ٢٢٠]
وعنى الإسلام باليتامى لكيلا ينشئوا نافرين من الجماعة فيكون منهم المشردون ، وقطاع الطرق ، ويكونون حربا على أمنها ، فيكونون ذئاب الجماعة ، وهم إن أحسنت تنشئتهم يكونون قوة عاملة نافعة.
وكذلك الأمر فى كل مسكين أذلته الحاجة وقهره الفقر ، فإنه يكون قوة إن أكرم وعاملا هداما إن قهر ومنع ، وهؤلاء هم العقبة إن لم يكرموا ، ولذلك قال الله تعالى :
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (١٧) [البلد : ١١ ـ ١٧].
وكما أوجب الإسلام رعاية اليتامى ، والقيام على شئون الأولاد ، وتربيتهم على المودة والرحمة والنزوع الاجتماعى أمر الأولاد بإكرام الوالدين ، والإحسان يقترن بالأمر بعبادة الله وحده ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [النساء : ٣٦].
ويذكر الله تعالى وصايا لقمان لابنه : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٥) [لقمان : ١٣ ـ ١٥].
ولقد حرص القرآن على الوصية بالوالدين عند ما يصيبهما الضعف ، ويكونان فى حاجة إلى النظرة الرفيقة الطيبة ، فيقول سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) (٢٣) [الإسراء : ٢٣]