ولقد سمع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مؤذنا يطرب ، ويردد فى الحروف ، فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : «إن الأذان سهل سمح ، فإذا كان أذانك سمحا سهلا ، وإلا فلا تؤذن» رواه الدار قطنى فى سننه.
وإذا كان النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد منع الغناء فى الأذان ، فأولى ثم أولى أن يمنعه فى القرآن ، فهو كتاب الله تعالى وخطابه ، وهو الذى رتله ، كما صرح بذلك ، إذ قال فيما تلونا من قبل : (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣٢) [الفرقان : ٣٢].
ويظهر أن مصر من قديم الزمان حملت بدعة قراءة القرآن بألحان الأعاجم ، فقد قال القرطبى فى كتابه أحكام القرآن بعد أن بين أن الترديد ، حيث يكون على مقتضى المعنى ، وما يومئ إليه النص القرآنى ، قال : فإن زاد على ذلك حتى لا يفهم معناه فذلك حرام ، كما يفعل القراء بالديار المصرية الذين يقرءون أمام الملوك والجنائز ، ويأخذون على ذلك الأجور والجوائز ، ضل سعيهم ، وخاب عملهم ، فيستحلون بذلك تغيير كتاب الله ، ويهونون على أنفسهم الاجتراء على الله بأن يزيدوا فى التنزيل ما ليس فيه جهلا بدينهم ، ومروقا عن سنة نبيهم ، ورفضا لسير الصالحين فيه من سلفهم ، ونزوعا إلى ما يزين لهم الشيطان من أعمالهم ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فهم فى غيهم يترددون ، وبكتاب الله يتلاعبون ، وإنا لله ، وإنا إليه راجعون ، لكن قد أخبر الصادق أن ذلك يكون».
وإن العدوى قد انتقلت من مصر إلى البلاد العربية ، وما زالت العدوى تسرى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى العظيم.
اللهم اغفر لنا ولا تؤاخذنا بما فعل ويفعل السفهاء معنا ، وألهمنا المحافظة على قرآنك الكريم من عبث العابثين ، ولهو اللاهين ، وافتراء المفترين ، إنك أنت وحدك الحافظ لكتابك ، وإنه لمحفوظ إن شئت رب العالمين.
تم بحمد الله تعالى وعونه