يتوجّعون لفقد الإخوة أكثر من توجّعهم لفقدان غيرهم ، ولذلك قال الشاعر (١) : [من الطويل]
أخاك أخاك إنّ من لا أخا له |
|
كساع إلى الهيجا بغير سلاح |
وإنّ ابن عمّ المرء فاعلم جناحه |
|
وهل ينهض البازي بغير جناح؟ |
الثامن : وصف اللحم بأقبح الصفات وأكثرها تنفيرا عند المؤمنين وهو الميت منه ، فالميت لو كان من مأكول كانوا نافرين منه ، فكيف به من الآدميّ؟
وألحمتك فلانا : أمكنتك من ثلبه وغيبته ، وفي حديث جعفر : «فقاتل حتى ألحمه القتال» (٢). يقال : لحم الرجل واستلحم : إذا نشب في الحرب فلم يجد مخلصا. ولحم : إذا قتل ، فهو ملحوم ولحيم ، كأنه صار لحما للسباع. وقول عمر رضي الله عنه : «ومنهم من ألحمه القتال» (٣) يحتمل المعنى الأول والثاني.
والتحم الجرح : التزق خرقه. والمتلاحم في الشّجاج : ما بلغت لحم الدماغ ، وهي التي برأت فالتحمت إيضا وتلاحمت ، وأصله من اللّحام ، وهو ما بين العظام وعليها من اللحم لأنه يلزقها ، ثم عبر به عن كلّ ما يلزق فيقال لحام.
وألحم الرجل بالمكان : أقام به ولم يبرح ، ومنه الحديث ، قال صلىاللهعليهوسلم لرجل : «صم ثلاثة أيام في الشهر وألحم عند الثالثة» (٤) قال بعضهم : وقف عند الثالثة فلم يزده عليها.
وجمع اللحم لحمان ولحوم ولحام ، نحو : بطن وبطنان ، وفلس وفلوس. وكعب وكعاب. وفي الحديث : «إنّ الله يبغض قوما لحمين» وفي رواية : «أهل البيت اللّحمين» (٥) قال سفيان الثّوريّ : هم الذين يكثرون أكل اللحم (٦) ، ومنه قول عمر رضي الله عنه : «اتّقوا هذه المجازر فإنّ لها ضراوة كضراوة الخمر» (٧).
__________________
(١) البيت لمسكين الدارمي ، وهو من شواهد النحو المشهورة (أوضح المسالك : ٣ / ١١٥). وأخطأ الشنتمري (١ / ٤٢٩) بنسبته إلى ابن هرمة.
(٢) النهاية : ٤ / ٢٣٩ ، وهو جعفر الطيار في صفته يوم مؤتة.
(٣) المصدر السابق.
(٤) النهاية : ٤ / ٢٤٠.
(٥) النهاية : ٤ / ٢٣٩ ، الروايتان مذكورتان فيه.
(٦) يريد في الغيبة.
(٧) المصدر السابق.