لقيل : متهوّر ، يعني لو كان من الواو لقيل تهوّر يتهوّر. انتهى. وما قاله ليس بلازم لجواز أن يكون وزنه تفعيل لا تفعّل. والأصل تهيور فأدغم. وهذا نحو متحيّر والأصل متحيور. وكذلك ديّار والأصل ديوار على ما أتقنّاه في «الدّرّ» وغيره. ويقال : تهوّر وتوهّر ـ بقلب العين قبل الفاء. وفي حديث آخر : «ومن أطاع فلا هوارة عليه» (١) أي لا هلاك. يقال : اهتور فلان ، أي هلك. وفي حديث آخر : «من اتّقى الله وقي الهورات» (٢) أي الهلكات. الواحدة هورة :
ه و ن :
قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً)(٣) الهون : التّرفّق والتّثبّت ، أي يمشون بسكينة ووقار ، لا أشرا وتجبّرا. والهون والهوان : اللّين والرّفق. و «هونا» في الآية إمّا حال ، وإمّا نعت مصدر مقدّر ، أي ذوي هون ، أو مشيا ذا هون. وقول أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه : «أحبب حبيبك هونا ما» (٤) أي حبا قصيرا لا إفراط فيه. وقال بعضهم : الهوان على وجهين : أحدهما تذلّل الإنسان من نفسه لما لا يلحقه من غضاضة فيمدح به كقوله تعالى : (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ، وكقوله عليه الصلاة والسّلام : «المؤمن هين لين» (٥). والثاني أن يكون من جهة متسلّط مستخفّ به ، فيذم به كقوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ)(٦)(وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)(٧). وقيل : فلان يمشي الهوينا ، هي تصغير (٨) الهونى ، والهونى تأنيث الأهون ، نحو الفضلى تأنيث الأفضل. وقولهم : امض على هينتك من ذلك ، كأنّه فعلة من الهون ، فقلبت الواو
__________________
(١) النهاية : ٥ / ٢٨١.
(٢) المصدر السابق.
(٣) ٦٣ / الفرقان : ٢٥.
(٤) سجع الحمام : ٣٨. الهون هنا : الحقير ، والمراد منه هنا الخفيف الذي لا مبالغة فيه. وهو في النهاية : ٥ / ٢٨٤ ، وانظر شرحه فيه.
(٥) وفي النهاية : «المسلمون هينون لينون» (٥ / ٢٨٩). وما في النص في المفردات : ٥٤٧ ، على أن الراغب شدد على الياءين. فالعرب تخفف مدحا وتشدد ذما ، والمراد هنا المدح ، كما سيأتي.
(٦) ٩٣ / الأنعام : ٦.
(٧) ١٨ / الحج : ٢٢.
(٨) وفي س : تصغيره.