أو لثبوته في مكانه ، فتصوّر منه معنى المودّة والملازمة ، يعني فتكون الدالان أصليتين من هذه المادّة.
و د ع :
قوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(١) أي ما تركك وما خلّاك ، من توديع المسافر. قيل : والتّوديع أصله من الدّعة ، وهي خفض العيش ورفاهيته ، وذلك أنه يدعو للمسافر أن يتحمّل الله عنه كآبة السفر ، وأن يبلغه الدّعة. كما أنّ التسليم دعاء له بالسلامة ، ثم صار ذلك متعارفا في تشييع المسافر وتركه.
وودّعت فلانا ، أي خلّيته. ويعبّر بالوداع عن الموت. وعليه حمل قول الشاعر (٢) : [من الكامل]
ودّعت نفسي ساعة التّوديع
وعن ابن عباس في قوله : (ما وَدَّعَكَ) أي ما قطعك مذ أرسلك. قال : وسمّي الوداع وداعا لأنه فراق ومتاركة. وفي الحديث : «غير مودّع ربّي ولا مكفور» (٣). وقرىء : «ما ودعك» (٤) مخفف الدال ، وهو من التّرك أيضا. ولا يستعمل منه ـ في المشهور ـ ماض ولا اسم فاعل بل الأمر والمضارع ، نحو : دع هذا ، وتدعه. وقد جاء الماضي كهذه القراءة. وأنشدوا (٥) : [من الرمل]
سل أميري ما الّذي غيّره |
|
عن وصالي اليوم حتّى ودعه؟ |
وقال آخر (٦) : [من الرمل]
ليت شعري عن خليلي (٧) ما الذي |
|
غاله في الحبّ حتّى ودعه؟ |
__________________
(١) ٣ / الضحى : ٩٣. يريد : «ما قلاك» فألقيت الكاف.
(٢) الشطر في المفردات : ٥١٧.
(٣) النهاية : ٥ / ١٦٨.
(٤) ذكر ابن خالويه أن قراءة التخفيف قرأها النبي (صلىاللهعليهوسلم) (مختصر الشواذ : ١٧٥).
(٥) أنشده ابن بري لسويد بن أبي كاهل. اللسان ـ مادة ودع.
(٦) عزاه ابن منظور إلى أنس بن زنيم الليثي مع بيت آخر ، وذكره الراغب من غير نسب.
(٧) ورواية اللسان : عن أميري.