وفي الحديث : «لينتهينّ الناس عن ودعهم الجمعات أو ليختمنّ الله على قلوبهم» (١). فالودع هنا مصدر. ويحكى أنّ شمرا قال : زعمت النحويّة أنّ العرب أماتوا مصدره وماضيه ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم أفصح (٢). قلت : أمّا فصاحته وأنّه أفصح فلا نزاع فيه ، ولكن يجوز أن يكون روي حديثه بالمعنى.
قوله : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ)(٣) قد تقدّم أنّ المستودع الأرحام أو الأرض في مادة (ق ر ر). وتقدّم قول العباس رضي الله تعالى يمدح نبيّنا محمدا صلىاللهعليهوسلم (٤) : [من البسيط]
من قبلها طبت في الظّلال وفي |
|
مستودع حيث يخصف الورق |
والوديعة : ما استحفظها صاحبها عند غيره. يقال : أودعه إيداعا ، وذلك المودع وديعة. ويعبّر بها عن العهد ، ومنه حديث طهفة : «لكم يا بني نهد ودائع الشّرك» (٥) أي عهود الجاهلية. وتوادع الفريقان ، أي تعاهدوا. ومنه الموادعة ، أي المعاهدة. وقيل : المتاركة ، وهما متقاربان ، لأنّ كلا من الفريقين يعطي الآخر عهدا أن يتركه ولا يقاتله. قال القتيبيّ : أعطيته وديعا. فعلى هذا تكون الودائع في حديث طهفة جمعا لوديع. والتّوديع : أن تجعل ثوبا فوق ثوب آخر وقاية له. وفي الحديث : «فلمّا انصرف دعا له بثوب فقال : تودّع بهذا خلقك» (٦).
و د ق :
قوله تعالى : (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ)(٧) الودق : المطر ، الواحدة ودقة. وقيل : الودق
__________________
(١) النهاية : ٥ / ١٦٥ ، من غير لفظة «الله» وقبلها مبني للمجهول. والمعنى : عن تركهم إياها والتخلف عنها.
(٢) اللفظة ساقطة من ح.
(٣) ٩٨ / الأنعام : ٦.
(٤) النهاية : ٥ / ١٦٨.
(٥) النهاية : ٥ / ١٦٧.
(٦) النهاية : ٥ / ١٦٦ ، وفيه : «.. بخلقك هذا» ، والضمير عائد على عبد الله بن أنيس. والمعنى : البس هذا الذي دفعت إليك في أوقات الاحتفال والتزين.
(٧) ٤٣ / النور : ٢٤.