الواردة ، ويكون لحمّى تجيء كلّ وقت ، ولجزء من القرآن يجعله القارىء له ، ولعبادة موظفة له ، كلّ ذلك يسمّى وردا على الاتساع. قوله تعالى : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً)(١). قال الأزهريّ : مشاة عطاشا كالإبل التي ترد الماء. وقال ابن عرفة : الورد : القوم يردون الماء ، فسمي العطاش وردا لطلبهم ورود الماء ، كقولهم : قوم صوم ورود ، يعني أنه من باب وقوع المصدر على العين ، فلذلك وحّد ، وفيه نظر لعدم ظهور المصدريّة فيه ، بل هو اسم جمع كما تقدّم.
قوله تعالى : (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ)(٢) هو الذي يتقدّم القوم ليستقي لهم الماء. وشعر وارد ، أي بلغ العجز أو المتن. قوله تعالى : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ)(٣) أي صارت حمراء ، قال ابن عرفة : سمعت أحمد بن يحيى ـ يعني ثعلبا ـ يقول : هي المهرة تنقلب حمراء بعد أن كانت صفراء. والورد الأحمر. وأنشد الفرزدق يصف الأسد (٤) :
ألقى عليه يديه ذو قوميّة |
|
ورد يدقّ مجامع الأوصال |
وقال الأزهريّ : كلون الورد تتلوّن ألوانا يوم الفزع الأكبر كتلوّن الدّهان المختلفة. والدّهان : جمع دهن ، وقد تقدّم. والورد : الذي يشمّ ، معروف ، قيل : سمّي لكونه أول ما يرد من ثمار السنة ، قاله الراغب (٥). وفي تسميته ثمرا نظر ظاهر. ويقال لنور كلّ (٦) شجر ورد. وورّد الشّجر تورّدا وتوريدا. أخرج نوره. وبه شبّه لون الفرس.
قوله تعالى : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(٧) هو عرق مستبطن متّصل بالكبد والقلب ، وفيه مجاري الروح. وقيل : هما وريدان يستبطنان العنق ينتبضان أبدا. قال : وكلّ عرق ينبض فهو من الأوراد. والمراد في الأصل طرق الماء ، الواحد ـ وردة بالتاء ـ وقد ينطلق
__________________
(١) ٨٦ / مريم : ١٩.
(٢) ١٩ / يوسف : ١٢.
(٣) ٣٧ / الرحمن : ٥٥.
(٤) الديوان : ٧٢٩ ، ويروى : فدق. ذو قومية : ذو قوة وبأس.
(٥) المفردات : ٥٢٠.
(٦) وفي الأصل : لكل نور ، ولعله كما ذكرنا.
(٧) ١٦ / ق : ٥٠.