حجابه مستو على عرشه وهذا الحديث كذب قبيح ما روي قط لا في صحيح ولا في كذب فأبعد اللّه تعالى من عمله، فقد كنا نقول ذاك منام فيذكر هذا ليلة الإسراء كافأهم اللّه عزّ وجل وجزاهم النار، يشبهون اللّه سبحانه وتعالى بعروس ما كتب هذا مسلم، وأما حديث البرد في الحديث الماضي فإن البرد عرض لا يجوز أن ينسب إلى اللّه عزّ وجل.
وقد ذكر القاضي (أبو يعلى) في كتابه الكناية (رأيت ربي في أحسن صورة) أي في أحسن موضع.
* * *
الحديث الثالث: روت أم الطفيل امرأة أبيّ أنها سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه عزّ وجل في المنام في أحسن صورة شابا منورا في خضر، في رجليه نعلان من ذهب وعلى وجهه فراش من ذهب. هذا الحديث يرويه نعيم بن حماد. قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وسئل الإمام أحمد فأعرض بوجهه عنه وقال: حديثه منكر مجهول. وعن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «رأيت ربي جعدا أمرد عليه حلة خضراء» وهذا مروي. من طريق حماد بن سلمة وكان ابن أبي العوجاء الزنديق ربيب حماد، وكان يدس في كتبه هذه الأحاديث لا ثبوت لها ولا يحسن أن يحتج بها.
وقد أثبت القاضي (أبو يعلى) صفات للّه تعالى فقال: قوله شاب وأمرد وجعد وقطط والفراش والنعلان والتاج، قال: ثبت ذلك تسمية لا نعقل معناها. ومن يثبت بالمنام وما صحّ نقله صفات! وقد عرفنا معنى الشاب الأمرد، ثم يقول «ما هو كما نعلم» كمن يقول قام فلان وما هو بقائم، وقعد وما هو بقاعد، قال ابن عقيل: هذا الحديث نجزم بأنه كذب ثم لا تنفع ثقة الرواة إذا كان المتن مستحيلا وصار هذا كما لو أخبرنا جماعة من المعدلين بأن جمل البزاز دخل في خرم إبرة الخياط فإنه لا حكم لصدق الرواة مع استحالة خبرهم.
* * *
الحديث الرابع: روي عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «ليلة أسري بي رأيت كل شيء من ربي حتى رأيت تاجا مخوصا من لؤلؤ» هذا يرويه أبو القاسم محمد بن اليسع عن قاسم بن إبراهيم، قال الأزهري: كنت أقعد مع ابن اليسع ساعة فيقول: قد ختمت الختمة منذ قعدت وقاسم ليس بشيء، قال الدار قطني: هو كذاب كافأ اللّه تعالى من عمل هذا.
* * *