أنه لو كان جسما كانت صورته عرضا ولو كان حامل الأعراض جاز عليه ما يجوز على الأجسام وافتقر إلى صانع ولو كان جسما مع قدمه جاز قدم أحدنا. فأحوجتنا الأدلة إلى تأويل صورة يليق إضافتها إليه وما ذلك إلا الحال الذي يوقع عليها أهل اللغة اسم صورة فيقولون: كيف صورتك مع فلان، وفلان على صورة من الفقر؛ والحال التي أنكروها العسف والتي يعرفونها اللطف فيكشف عن الشدة، والتغير إنما يليق بفعله فأما ذاته فتعالت عن التغير، نعوذ باللّه أن يحمل الحديث على ما قالته المجسمة أن الصورة ترجع إلى ذاته وأن ذلك تجويز التغير على صفاته فخرجوه في صورة إن كانت حقيقة فذاك استحالة وإن كان تخيلا فليس ذاك هو إنما يريهم غيره.
* * *
الحديث السادس: روى مسلم في صحيحه من حديث المغيرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «لا شخص أغير من اللّه ولذلك حرّم الفواحش ولا شخص أحب إليه المدحة من اللّه».
لفظة «الشخص» يرويها بعض الرواة ويروي بعضهم «لا شيء أغير من اللّه» والرواة يروون بما يظنونه المعنى، وكذلك «شخص» من تغيير الرواة وقد يكون المعنى ليس منكم أيها الأشخاص أغير من اللّه لأنه لما اجتمع الكل بالذكر سمّى بأسمائهم والشخص لا يكون إلا جسما مؤلفا ومثل هذا قول ابن مسعود: وما خلق من جنة ولا نار أعظم من آية الكرسي؛ قال الإمام أحمد بن حنبل: الخلق يرجع إلى الجنة والنار لا إلى القرآن ويجوز أن يكون هذا من باب المستثنى من غير الجنس كقوله تعالى: (مٰا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبٰاعَ الظَّنِّ) [النّساء: ١٥٧] وأما الغيرة فقد قالت العلماء: كل من غار من شيء أسندت كراهته له، فلما حرّم الفواحش ووعد عليها وصفه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالغيرة.
* * *
الحديث السابع: روى أبو موسى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «إن اللّه تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض»(١).
__________________
(١) يقول السيوطي في الجامع الكبير: أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد والحاكم والبيهقي في السنن والطبراني في الكبير وابن سعد.