وإنما أضيفت القبضة لأن أفعال المملوك تنسب إلى المالك وذلك أنه بعث من قبض كقوله تعالى: (فَطَمَسْنٰا أَعْيُنَهُمْ) [القمر: ٣٧] وقد روى محمد بن سعد في كتاب الطبقات أن اللّه تعالى بعث إبليس فأخذ من أديم الأرض فخلق منه آدم فمن ثم قال: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً [الإسراء: ٦١].
* * *
الحديث الثامن: روى سلمان قال: إن اللّه لما خمّر طينة آدم وضرب بيديه فيه فخرج كل طيب في يمينه وكل خبيث في يده الأخرى ثم خلط بينهما فمن ثم يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.
وهذا مرسل، وقد ثبت بالدليل أن الحق سبحانه وتعالى لا يوصف بمس شيء، وإن صح فيضرب مثلا لما جرت به الأقدار، وقال القاضي (أبو يعلى): تخمير الطين وخلط بعضه ببعض مضاف إلى اليد التي خلق بها آدم وهذا التشبيه المحض.
* * *
الحديث التاسع: روى عبيد بن حنين قال: بينا أنا جالس في المسجد إذ جاء قتادة بن النعمان فجلس فتحدث، ثم قال: انطلق بنا إلى أبي سعيد الخدري فإنه قد أخبرت أنه قد اشتكى، فانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد فوجدناه مستلقيا واضعا رجله اليمنى على اليسرى، فسلّمنا عليه وجلسنا، فرفع قتادة يده إلى رجل أبي سعيد الخدري وقرصها قرصة شديدة فقال أبو سعيد: سبحان اللّه يا ابن أم أوجعتني، قال ذلك أردت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «إن اللّه تعالى لما قضى خلقه استلقى ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى ثم قال: لا ينبغي لأحد من خلقي أن يفعل هذا» قال أبو سعيد: لا جرم لا أفعله أبدا(١).
قال عبد اللّه بن حنبل: ما رأيت هذا الحديث في دواوين الشريعة المعتمد عليها؛ وأما عبيد بن حنين فقال البخاري: لا يصح حديثه في أهل المدينة. وفي
__________________
(١) روى الحافظ البيهقي هذا الخبر في (الأسماء والصفات) وقال: فهذا حديث منكر ولم أكتبه إلا من هذا الوجه وفليح بن سليمان ـ أحد رواته ـ مع كونه من شرط البخاري ومسلم فلم يخرجا حديثه هذا في الصحيح وهو عند الحفاظ غير محتج به، عن يحيى بن معين يقول: فليح بن سليمان لا يحتج بحديثه، عنه يقول: فليح ضعيف، وعن النسائي أنه قال: فليح ليس بالقوي. قال الشيخ: فإذا كان فليح بن سليمان المدني مختلفا في جواز الاحتجاج به عند الحفاظ لم يثبت بروايته مثل هذا الأمر العظيم اه. وذكر أيضا علة عدم اجتماع عبيد بقتادة (ز).