الحديث علة أخرى وهي أن قتادة بن النعمان مات في خلافة عمر رضي اللّه تعالى عنه وعبيد بن حنين مات سنة خمس ومائة وله خمس وسبعون سنة في قول الواقدي، فتكون روايته عن قتادة بن النعمان منقطعة، قال الإمام أحمد: ثم لو صحّ طريقه احتمل أن يكون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حدّث به عن بعض أهل الكتاب على طريق الإنكار عليهم فلم يفهم قتادة إنكاره.
ومن هذا الفن حديث رويناه أن الزبير سمع رجلا يحدّث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاستمع له الزبير حتى إذا قضى الرجل حديثه قال الزبير: أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال الرجل: نعم، قال: هذا وأشباهه مما يمنعان أن نحدّث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد لعمري سمعت هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا يومئذ حاضر ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ابتدأ بهذا الحديث فحدّثناه عن رجل من أهل الكتاب حدّثه يومئذ فجئت أنت بعد انقضاء صدر الحديث وذكر الرجل الذي هو من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قلت: وغالب الظن أن الإشارة في حديث الزبير إلى حديث قتادة فإن أهل الكتاب قالوا: إن اللّه تعالى لما خلق السماوات والأرض استراح فنزل قوله تعالى: (وَمٰا مَسَّنٰا مِنْ لُغُوبٍ) [ق: ٣٨] فيمكن أن يكون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حكى ذلك عنهم ولم يسمع قتادة أول الكلام.
وقد روى عبد الرّحمن بن أحمد في كتاب السنة قال: رأيت الحسن قد وضع رجله اليمنى على شماله وهو قاعد فقلت: يا أبا سعيد تكره هذه القعدة؟ فقال: قاتل اللّه اليهود، ثم قرأ قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمٰاوٰاتِ وَالْأَرْضَ وَمٰا بَيْنَهُمٰا فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَمٰا مَسَّنٰا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)) [ق: ٣٨] فعرفت ما عنى به فأمسكت. قلت: وإنما أشار الحسن إلى ما ذكرناه عن اليهود.
وقد صحّ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما أنهم كانوا يستلقون ويضعون رجلا على رجل، وإنما يكره هذا لمن لا سراويل له واللّه أعلم.
* * *
الحديث العاشر: روى القاضي (أبو يعلى) عن حسان بن عطية أن رجلا من المشركين سبّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فحمل عليه رجل من المسلمين فقتله، وقتل الرجل، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «ما تعجبون من نصر اللّه تعالى ورسوله لقي اللّه تعالى متكئا فقعد له».
هذا حديث مقطوع بعيد عن الصحة، ولو كان له وجه كان المعنى: فأقبل اللّه تعالى عليه وأنعم.
* * *