بتكذيبهم فقال تعالى: (لَوْ كٰانَ هٰؤُلاٰءِ آلِهَةً مٰا وَرَدُوهٰا) [الأنبياء: ٩٩] فكيف يظن بالخالق أن يردها، تعالى اللّه عن تجاهل المجسّمة.
* * *
الحديث الثاني عشر: روى أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «ضرس الكافر في النار مثل أحد وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار»(١).
قال أبو عمر الزاهد: الجبار هاهنا الطويل، يقال نخلة جبارة(٢). قال القاضي (أبو يعلى) نحملها على ظاهرها، والجبار هو اللّه عزّ وجل. قلت: وا عجبا أذهبت العقول إلى هذا الحد! أو يجوز أن يقال: إن الذراع اثنان وأربعون مرة حتى يبلغ جلد الكافر ويضاف إلى الذات القديمة! تعالى اللّه علوا كبيرا.
* * *
الحديث الثالث عشر: روى القاضي (أبو يعلى) عن مجاهد أنه قال: إذا كان يوم القيامة يذكر داود عليه الصلاة والسلام ذنبه فيقول اللّه تعالى كن أمامي فيقول يا رب ذنبي ذنبي، فيقول كن خلفي فيقول يا رب ذنبي فيقول له خذ بقدمي، وفي لفظ عن ابن سيرين قال: إن اللّه تعالى ليقرب داود حتى يضع يده على فخذه.
والعجب من إثبات ذلك للحق سبحانه وتعالى بأقوال التابعين وما تصح عنهم ولو صحت فإنما يذكرونها عن أهل الكتاب كما يذكر وهب بن منبه؛ قال القاضي (أبو يعلى) نحمله على ظاهره لأننا لا نثبت قدما وفخذا هو جارحة.
واعجبا لقد كملوا هيئة البدن بإثبات فخذ وساق وقدم ووجه ويدين وأصابع وخنصر وإبهام وصعود ونزول، ويقولون تحمل على ظاهرها وليست جوارح.
__________________
(١) يقول الشيخ إسماعيل العجلوني في كتابه (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس): رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا وأحمد والطبراني والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا، والترمذي عن أبي هريرة (بألفاظ متقاربة).
(٢) قال ابن قتيبة في كتابه (تأويل مختلف الحديث) في كلامه على هذا الحديث: ونحن نقول إن لهذا الحديث مخرجا حسنا إن كان النبي صلى اللّه عليه وسلم أراده وهو أن يكون الجبار ههنا الملك. قال اللّه تعالى: (وَمٰا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّٰارٍ) [ق: ٤٥] أي بملك مسلّط والجبابرة الملوك، وهذا كما يقول الناس: هو كذا وكذا ذراعا بذراع الملك يريدون: بالذراع الأكبر، وأحسبه ملكا من ملوك العجم كان تام الذراع فنسب إليه.