الحديث الخامس عشر: روى القاضي (أبو يعلى) عن عبد اللّه بن عمر موقوفا أنه قال: «خلق اللّه تعالى الملائكة من نور الذراعين والصدر».
وقد أثبت به القاضي ذراعين وصدرا للّه عزّ وجل. وهذا قبيح لأنه حديث ليس بمرفوع ولا يصح، وهل يجوز أن يخلق مخلوق من ذات القديم! هذا أقبح مما ادعاه النصارى.
* * *
الحديث السادس عشر: روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «يدنى المؤمن من ربه فيضع عليه كنفه فيقول تعرف ذنب كذا».
قال العلماء: يدنيه من رحمته ولطفه، قال ابن الأنباري: كنفه حياطته وستره، يقال: قد كنف فلان فلانا إذا حاطه وستره وكل شيء ستر شيئا فقد كنفه، ويقال للترس كنيف لأن يستر صاحبه.
قال القاضي (أبو يعلى) يدنيه من ذاته. وهذا قول من لم يعرف اللّه سبحانه وتعالى ولا يعلم أنه لا يجوز عليه الدنو الذي هو مسافة. وكذلك قوله: «إنه ليدنو يوم عرفة» أي يقرب بلطفه وعفوه.
* * *
الحديث السابع عشر: روى مسلم في أفراده من حديث معاوية بن الحكم قال: كانت لي جارية ترعى غنما لي، فانطلقت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة فصككتها صكة، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعظم ذلك عليّ فقلت: ألا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فقال لها: «أين اللّه تعالى؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: رسول اللّه، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «اعتقها فإنها مؤمنة».
قلت: قد ثبت عند العلماء أن اللّه تعالى لا تحويه السماء ولا الأرض ولا تضمه الأقطار، وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق جلّ جلاله عندها.
* * *
الحديث الثامن عشر: رواه أبو رزين قال: قلت: يا رسول اللّه أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: «كان في عماء ما تحته هواء ولا فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء»(١).
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في مسنده وابن جرير في تهذيب الآثار والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في العظمة (جمع الجوامع للسيوطي).