كذب عليه(١). ولو كان النزول صفة ذاتية لذاته كانت صفته كل ليلة تتجدد(٢). وصفاته قديمة كذاته.
* * *
الحديث العشرون: روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي فقال: إني مجهود، فقال صلى اللّه عليه وسلم: «من يضيفه هذه الليلة؟» فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول اللّه، فانطلق به إلى امرأته فقال: هل عندك شيء؟ قالت: لا إلا قوت صبياني، فقال: فعلليهم بشيء إذا أراد الصبية العشاء فنوّميهم فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: «لقد عجب اللّه تعالى من صنيعكما بضيفكما الليلة».
وفي أفراد البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «عجب اللّه من قوم جر بهم في السلاسل حتى يدخلهم الجنة».
قال العلماء: العجب إنما يكون من شيء يدهم الإنسان مما لا يعلمه فيستعظمه وهو لا يليق بالخالق جلّ جلاله، لكن معناه: عظم قدر ذلك الشيء عند اللّه لأن
__________________
(١) حكى ذلك أبو يعلى في طبقاته عن أحمد بطريق أبي العباس الإصطخري، وهو كما قال المصنف نقل مفترى. وعجيب من ابن تيمية كتبه في معقوله ـ غير منكر ـ ما يرويه حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب محمد بن كرام في مسائله عن أحمد وغيره في حقه سبحانه ... يتكلم ويتحرك .. اه. ونقل أيضا عن نقض الدارمي ـ ساكتا أو مقرا ـ الحي القيوم يفعل ما يشاء ويتحرك إذا شاء ويهبط ويرتفع إذا شاء ويقبض ويبسط ويقوم ويجلس إذا شاء لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك وكل حي متحرك لا محالة وكل ميت غير متحرك لا محالة أه (أي ابن تيمية) حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال (كنزولي هذا) فنسب إلى التجسيم ه.
(٢) مما يقوله ابن حزم الظاهري في حديث النزول: هذا إنما هو فعل يفعله اللّه تعالى في سماء الدنيا من الفتح لقبول الدعاء وأن تلك الساعة من مظان القبول والإجابة والمغفرة للمجتهدين والمستغفرين والتائبين، وهذا معهود في اللغة تقول: نزل فلان عن حقه لي بمعنى وهبه لي وتطوّل به علي، ومن البرهان على أنه صفة فعل لا صفة ذات أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علق التنزل المذكور بوقت محدود وصحّ أنه فعل محدث في ذلك الوقت مفعول حينئذ، وقد علمنا أن ما لم يزل فليس متعلقا بزمان البتة وقد بيّن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض ألفاظ الحديث المذكور ما ذلك الفعل وهو أن ذكر عليه السلام أن اللّه يأمر ملكا ينادي في ذلك الوقت بذلك، وأيضا فإن ثلث الليل مختلف في البلاد باختلاف المطالع والمغارب يعلم ذلك ضرورة من بحث عنه فصحّ ضرورة أنه فعل يفعله ربنا تعالى في ذلك الوقت لأهل كل أفق، وأما من جعل ذلك نقلة فقد قدّمنا بطلان قوله في إبطال القول بالجسم اه (ز).