المتعجب من الشيء يعظم قدره عنده، ومعنى السلاسل أكرهوا على الطاعة التي بها يدخلون، وقال ابن الأنباري: معنى عجب ربك: زادهم إنعاما وإحسانا فعبر في هذا الحديث بالعجب عن ذلك.
* * *
الحديث الحادي والعشرون: روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «للّه أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها».
قال المصنف: لما كان مسرورا بشيء راضيا قيل له فرح، والمراد الرضا بتوبة التائب، ولا يجوز أن يعتقد في اللّه سبحانه وتعالى التأثر الذي يوجد في المخلوقين، فإن صفات الحق تعالى قديمة لا تحدث له صفة.
* * *
الحديث الثاني والعشرون: روى مسلم في أفراده من حديث أبي موسى قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخمس كلمات فقال: «إن اللّه تعالى لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»(١).
قوله: «حجابه النور» ينبغي أن يعلم أن هذا الحجاب للخلق عنه لأنه لا يجوز أن يكون محجوبا، لأن الحجاب يكون أكبر مما يستره وكما أنه لا يجوز أن يكون لوجوده ابتداء ولا انتهاء لا يصح أن يكون لذاته نهاية وإنما المراد أن الخلق محجوبون عنه كما قال تعالى: (كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (١٥) [المطفّفين: ١٥] وأما السبحات فجمع سبحة ويقال إن السبحة جلال وجهه ومنه قوله: «سبحان اللّه» إنما هو تعظيم له وتنزيه.
وقال القاضي (أبو يعلى): لا يمنع إطلاق حجاب من دون اللّه تعالى لا على وجه الحد والمحاذاة. وهذا كلام مختلط يرضى به العوام.
* * *
__________________
(١) يقول النووي في شرح صحيح مسلم: والتقدير: لو أزال المانع من رؤيته وهو الحجاب المسمى نورا أو نارا وتجلى لخلقه لأحرق جلال ذاته جميع مخلوقاته (ز).