المخلوق التواضع والتذلل، وضرب الإزار والرداء مثلا، يقول واللّه تعالى أعلم: كما لا يشرك الإنسان في ردائه وإزاره أحد كذلك لا يشركه في الكبرياء والعظمة مخلوق.
* * *
الحديث السادس والثلاثون: روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة».
فذهب القاضي (أبو يعلى) إلى أن للّه تعالى نفسا هي صفة زائدة عن الذات.
وهذا قول مبتدع ينوع به التشبيه، لا يفرق بين الذات والنفس وما المانع أن يكون المعنى: ذكرته أنا، وقد سبق هذا في الكلام على الآيات. والتقريب والهرولة توسع في الكلام(١). كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيٰاتِنٰا) [الحجّ: ٥١] لا يراد به المشي.
* * *
الحديث السابع والثلاثون: روى أبو سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «إن اللّه تعالى جميل يحب الجمال»(٢).
قال العلماء: الجميل: المجمل بتحسين الصور والأخلاق والإحسان والذي أراه أن الجميل الذي أوصافه تامة مستحسنة. وقد فسّر القاضي (أبو يعلى) بما لا يليق بالحق سبحانه وتعالى فقال: غير ممتنع وصفه بالجمال، فإن ذلك راجع إلى الذات، لأن الجمال في معنى الحسن قال: وقد تقدم قوله صلى اللّه عليه وسلم: «رأيت ربي في أحسن صورة».
* * *
__________________
(١) في تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة عند الكلام على التقرب والهرولة: ونحن نقول: إن هذا تمثيل وتشبيه وإنما أراد: من أتاني مسرعا بالطاعة أتيته بالثواب أسرع من إتيانه.
(٢) أثبت العجلوني في كشف الخفاء ومزيل الإلباس هذا الحديث وقال رواه أحمد عن أبي ريحانة، ومسلم والترمذي عن ابن مسعود، وأبو يعلى والبيهقي عن أبي سعيد، والطبراني عن أبي أمامة وابن عمر وجابر، وابن عدي في الكامل عن ابن عمر.