فانظر أرشدك الله تعالى هذا الاتفاق من هذا الإمام والحرص على تحقيق ما وضعه في كتابه لم يقنع بوضع البخاري ومسلم وغيرهما مع جلالتهم بل تتبع ما وضعوه حتى وضع في كتابه وهذا شأن الأئمة الخائفين من الله عزوجل من أن يقع منهم زلل في الإخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم إنه رضي الله تعالى عنه ذكر في هذا الكتاب في كتاب الحج في باب ثواب من زار قبر النبي صلىاللهعليهوسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من جاءني زائرا لم ينزعه إلا زيارتي كان حقا على الله أن أكون له شفيعا يوم القيامة» ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث.
وهذا حكم منه بأن هذا الحديث مجمع على صحته بمقتضى الشرط الذي شرطه في الخطبة وهو رضي الله عنه إمام جليل حافظ متقن كثير الحديث واسع الرحلة سمع بالعراق وخراسان وما وراء النهر وسمع بالشام ومصر وسمع من خلائق من أئمة الحديث والأجلاء أهل الدين وهو من القدماء ، أصله بغدادي ، وسكن مصر ومات بها في نصف المحرم سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة رحمة الله تعالى عليه وعلى أمثاله ، وإذا كان هذا حديث صحيح (١) فكيف يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجعله ضعيفا فضلا عن أن يجعله كذبا وأقل درجات الثقة الخائف أن يقول صححه فلان ، وأما القول بوضعه وبتكذيب هذا الإمام وأمثاله فلا يصدر إلا من زنديق محقق الزندقة بهذه القرينة وغيرها عائذا بالله عزوجل من ذلك.
وإذا تقرر لك ذلك فانظر أرشدك الله تعالى وعافاك هذا الخبيث الطوية كيف طعن في هذه الأئمة الأعلام في علوم الحديث الذين بهم يقتدى وعليهم يعوّل وعند ذكرهم تتنزل الرحمة ، ورماهم بالوضع على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وطعن في هذه الأخبار المروية عن هذه الأئمة. وهذا شأنه قاتله الله تعالى كلما جاء إلى شيء لا غرض له فيه طعن فيه وإن كان مشهورا ومعمولا به بين الأئمة ولا عليه لا من الله عزوجل ولا من رسوله صلىاللهعليهوسلم ولا من الناس وتنبه لشيء عظيم رمى به هذه الأئمة وهو أن من قاعدته أن من كذب على النبي صلىاللهعليهوسلم متعمدا كفر فعليه من الله عزوجل ما يستحقه ، وهذا وغيره يدل على أن عنده ضغينة للنبي صلىاللهعليهوسلم ولصاحبيه وكذا لأمته ليفوت عليهم هذا الخير الذي رتبه على زيارة قبره عليه أفضل الصلاة والسلام فاحذروه واحذروا تزويق مقالته المطوي تحتها أخبث الخبائث فإنها لا تجوز إلا على عامي أو بليد الذهن كالحمار يحمل أسفارا أو خال من العلوم وأخبار الناس وبالله تعالى التوفيق ، والله أعلم.
__________________
(١) يكتب حديثا صحيحا لأنه خبر كان ، اه مصححه.