الشرع فادّعى على إسماعيل بن كثير صاحب التاريخ أنه قال : إن التوراة والإنجيل ما بدلا وإنهما بحالهما كما أنزلا وشهدوا عليه بذلك وثبت في وجهه فعزر في المجلس بالدرة وأخرج وطيف به ونودي عليه بما قاله ثم أحضر ابن قيم الجوزية وادعى عليه بما قاله في القدس الشرف وفي نابلس فأنكر فقامت عليه البينة بما قاله فأدب وحمل على جمل ، ثم أعيدوا في السجن ، ولما كان يوم الأربعاء أحضر ابن قيم الجوزية إلى مجلس شمس الدين المالكي وأرادوا ضرب عنقه (١) فما كان جوابه إلا أن قال : إن القاضي الحنبلي حكم بحقن دمي وبإسلامي وقبول توبتي ، فأعيد إلى الحبس إلى أن أحضر الحنبلي فأخبر بما قاله فأحضر وعذر وضرب بالدرة وأركب حمارا وطيف به في البلد والصالحية وردوه إلى الحبس ولم يزل هذا في أتباعه.
وحضر شخص إلى دمشق يقال له أحمد الظاهري وكان قد حفظ آيات المتشابه وأحاديثه فكان يسردها على العوام وآحاد الناس من الفقهاء فعظّمه أتباع ابن تيمية وأكرموه. ثم إنه توجه إلى القاهرة فشرع يسرد الإياب والأحاديث لعلم به الإمام العلامة الشيخ سراج الدين البلقيني فطلبه وأعلم به برقوق فأخذوه وقيّدوه وكانوا يضربونه بالسياط أول النهار ثم يستعملونه في العمارة ، فإذا كان آخر النهار أعادوا عليه الضرب ، ثم بلغني أن آخر الأمر أن ضربوا عنقه.
وكان الشيخ زين الدين بن رجب الحنبلي ممن يعتقد كفر ابن تيمية وله عليه الرد ، وكان يقول بأعلى صوته في بعض المجالس : معذور السبكي ـ يعني في تكفيره ـ والحاصل أنه وأتباعه من الغلاة في التشبيه والتجسيم والازدراء بالنبي صلىاللهعليهوسلم وبغيض الشيخين وبإنكار الأبدال الذين هم خلفوا الأنبياء ولهم دواهي أخر لو نطقوا بها لأحرقهم الناس في لحظة واحدة ، فنسأل الله تعالى العافية ودوامها إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير.
(وجرسوا) ابن القيم وابن كثير وطيف بهما في البلد وعلى باب الجوزية لفتواهم في مسألة الطلاق ، والله أعلم.
واعلم أني اقتصرت على الكلام على هذه الفتوى لإشاعتها بين العوام وفيها
__________________
(١) هذه قيمة ابن قيمة يراها القارئ مجسمة أمامه في هذا السياق فليعرفها ولا يغتر ، اه مصححه.