مفاهيم مختلفة لكن ليس في الخارج بإزائها أُمور ثلاثة ، بل الموجود في الخارج شيء واحد وهو الاستطاعة ، لكن باعتبار أنّها تعطي للإنسان مقدرة تسمى قدرة واستطاعة ، وباعتبار سبق العدم عليها ينتزع منها الحدوث ، وباعتبار استمرار وجودها ينتزع منها البقاء ، فلا يلزم ـ لو قلنا ببقاء القدرة بعد حدوثها ـ أن يكون للقدرة عرض ووصف باسم البقاء يغايرها في العين والتحقّق.
وبعبارة ثالثة : إنّ الأعراض على قسمين : قسم يعتبر في صحّة حمله على الموضوع ، اتصافه بصفة خارجية مصححة لحمل العرض على الموضوع ، كحمل الأبيض على الجسم ، حيث يعتبر فيها اتصاف الجسم بشيء كالبياض ، وهذا ما يسمى ب ـ « المحمول بالضميمة ».
وقسم لا يعتبر في صحّة حمله على الشيء وجود حيثية خارجية في جانب الموضوع ، لكن الموضوع يكون على نحو يصحّ معه انتزاع ذلك لمفهوم العرضي منه ، كانتزاع الإمكان من الإنسان ، فلا يعتبر في حمله عليه تحقّق وصف وجودي ، بل يكفي واقعية وجوده لحمله عليه. وهذا ما يسمّى ب ـ « الخارج المحمول » وانتزاع البقاء من القدرة الحادثة من هذا القبيل فلها طوران من الوجود :
أ ـ وجود حادث غير مستمر ومنقطع.
ب ـ وجودحادث مستمر.
فينتزع من الأوّل ، الزوال والانقضاء ، ومن الثاني البقاء والاستمرار ، فليس لهما وراء نحو وجود القدرة والاستطاعة ، مطابق خارجي.
والنتيجة هي : أنّ بقاء القدرة في الآن الثاني ليس متوقفاً على انضمام وصف إليه باسم البقاء عارض للقدرة حتى يلزم منه بقاء الوصف بالوصف والعرض بالعرض.
وما ذكره من أنّ دليل امتناع قيام الوصف يستلزم جواز قيام القدرة بالقدرة موهون جداً ، فإنّ عدم الصحّة في تلك الموارد إنّما هو لأجل أنّ قيام القدرة بالقدرة يستلزم اجتماع المثلين ، وهو محال ، سواء أقلنا بجواز قيام العرض بالعرض أم لا ، فإنّ القدرتين وصفان متماثلان ، والمتماثلان لا يجتمعان.