والمراد أنّ الذين يقدرون على الصيام لكن بعسر وشدة يجوز لهم الإفطار ، والفدية لكلّ يوم بطعام مسكين. فالآية نصّ في تقدّم الاستطاعة على العمل. قال في المنار : إنّ الذين لا يستطيعون الصوم إلاّ بمشقة شديدة ، عليهم فدية طعام مسكين في كلّ يوم يفطرون فيه. (١)
والشيخ الأشعري تكلّف بإرجاع الضمير إلى الإطعام ، والمعنى : وعلى الذين يطيقون الإطعام ويعجزون عن الصيام ، عليهم الفدية.
يلاحظ عليه : أنّ مرجع الضمير غير مذكور على تفسيره أوّلاً ، والعجز عن الصيام الذي هو المهم لم يذكر في الآية لا تصريحاً ولا تلويحاً ، الإطعام واجب مطلقاً للعاجز وغيره ثانياً.
٣ ـ قال سبحانه : (وَللّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِليهِ سَبيلاً ) (٢) فالآية صريحة في أنّ المستطيع بالفعل يجب عليه الحجّ في المستقبل.
وقد تكلّف الشيخ في تفسير الاستطاعة بالمال ، ويعني الزاد والراحلة وقال : ولم يرد استطاعة البدن التي في كونها كون مقدورها.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ تفسير الاستطاعة بخصوص ما ذكره لا دليل عليه ، مع أنّ استطاعة البدن ركن مثل المال ، وثانياً : أنّه لو انضم إليه البدن لما كان في كونه ، كون مقدوره ، أعني : نفس عمل الحجّ ، لأنّ للزمان وشهور الحجّ دخلاً في تحقّق المقدور.
٤ ـ قوله تعالى : (وَسَيَحْلِفُونَ باللّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَالله يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). (٣)
ترى أنّ المنافقين يحلفون بعدم الاستطاعة على الخروج إلى الجهاد والله يكذبهم ويقول : إنّهم مستطيعون ولا يريدون الخروج ، قال سبحانه : ( وَلَوْ
ــــــــــــــــــ
١ ـ المنار : ٢/١٥٦.
٢ ـ آل عمران : ٩٨.
٣ ـ التوبة : ٤٢.