السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم (١).
قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟
قال : والله إنّ لقوله لحلاوة ، وان أصله لعذق (٢) ـ وإن فرعه لجناة ـ قال ابن هشام : ويقال لغدق (٣) وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته. فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمرّ بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره فأنزل الله ـ تعالى ـ في الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله :
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً* وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً* وَبَنِينَ شُهُوداً* وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً* ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً* سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً* إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ* فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ* سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (الآيات / ١١ ٢٦)
قريش تقترح حلا وسطا بينهم وبين الرسول (ص)
ومرة أخرى اقترحت حلا وسطا بينهم وبين الرسول في عبادة الآلهة كما رواه المفسرون وفي تفسير (سورة الكافرون) وابن هشام في السيرة واللفظ لابن هشام.
__________________
(١) إشارة إلى ما كان يفعل الساحر بأن يعقد خيطا ثم ينفث فيه. ومنه قوله تعالى (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ، يعني الساحرات.
(٢) العذق (بالفتح) : النخلة يشبهه بالنخلة التي ثبت أصلها وقوي وطاب فرعها إذا جنى.
(٣) الغدق : الماء الكثير ، ومنه يقال : غيدق الرجل : إذا كثر بصاقه. وكان أحد أجداد النبي (ص) يسمى الغيدق ، لكثرة عطائه.