عمته ابن عاتكة ابنة عبد المطلب فقال له : يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا منزلتك من الله فلم تفعل ذلك ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فو الله لا أومن لك أبدا حتى تتخذ الى السماء سلما ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت أن لا أصدقك ثم انصرف عن رسول الله (ص) وانصرف رسول الله (ص) الى أهله حزينا أسيفا لما فاته مما كان يطمع فيه من قومه حين دعوه ولما رأى من مباعدتهم اياه.
فلما قام عنهم رسول الله (ص) قال أبو جهل : يا معشر قريش ان محمدا قد أبي إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وسب آلهتنا وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر قدر ما أطيق حمله فاذا سجد في صلاته فضخت رأسه به (١).
فانزل الله عليه في ذلك : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ... بَشَراً رَسُولاً) وأنزل عليه في قولهم (لن نؤمن بالرحمن) (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ) وأنزل عليه فيما سأله قومه لانفسهم من تسيير الجبال وتقطيع الجبال وبعث من مضى من آبائهم من الموتى (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ ...).
وأخبر الله عن تعنتهم برسول الله (ص) في سورة الاسراء وقال سبحانه وتعالى :
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً* وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً* وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ
__________________
(١) تفسير الآية بتفسير الطبري ١٥ / ١١٠ ـ ١١١ ، وتفصيله في سيرة ابن اسحاق ص ١٧٨ ـ ١٨١ ، وتفسير ابن كثير ٣ / ٦٢.