والخبر الثاني يأتي ذكره في الفصل الآتي.
هكذا قرأ ابن مسعود عن ظهر قلب سورة الرحمن وكان ذلك قبل هجرتهم الى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة.
وكان رسول الله إذا قرأ القرآن في صلاته في البيت ربما جهر بالقرآن سبّ المشركون القرآن ومن أنزله ومن جاء به وكان الرجل إذا أراد أن يسمع رسول الله (ص) بعض ما يتلو استرق السمع فرقا منهم ، فاذا رأى أنّهم عرفوا انه يستمع ذهب خشية أذاهم ، فلم يستمع ، فكان المشركون يطردون الناس عنه ، ويقولون : لا تسمعوا لهذا القرآن ، والغوا فيه لعلكم تغلبون ، فوصف الله ذلك في سورة فصلت / ٢٦ وقال :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)
وكان رسول الله (ص) اذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله تعالى في سورة الاسراء / ١١٠ :
(وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً)
***
كانت تلكم أمثلة ممّا حوى القرآن المكي من أخبار المعارك الفكرية بين كفار قريش والقرآن وحملته ، وأمثلة مما جاء فيه سائر فنون المعرفة في القرآن المكي ، نكتفي بما أوردنا من كل ذلك لندرس في ما يأتي كيفية تبليغ الرسول (ص) بمكة باذنه تعالى.
__________________
ـ ١ / ١١٨٨ ، وسيرة ابن هشام ١ / ٣٣٦ ، والكامل لابن الاثير ٢ / ٣١.