والقوافل ، فبعضها قد اشتهر أمره بالكرم والسماحة والترفع عن الدنايا ، كما اشتهر بعضها بالتعدّي وسفك الدماء بلا سبب سوى الطمع فيما في أيدي الناس.
ليس للبدوي قيمة حربية تذكر ، ولذا كان اعتماد الأمراء على الحضر ، فهم الذين يصمدون للقتال ويصبرون على بلائه وبلوائه.
والبدوي إذا لم يجد سلطة تردعه أو تضرب على يده يرى من حقّه نهب الغادي والرائح ، فالحقّ عنده هو القوّة يخضع لها ، ويخضع غيره بها. على أنّ لهؤلاء قواعد للبادية معتبرة عندهم كقوانين يجب احترامها ، فالقوافل الّتي تمر بأرض قبيلة وليس معها من يحميها من أفراد هذه القبيلة معرضة للنهب ، ولذا اعتادت القوافل قديما أن يصحبها عدد غير قليل من القبائل الّتي ستمر بأرضها ويسمّون هذا رفيقا.
والبدوي يحتقر الحضري مهما أكرمه ، كما ان الحضري يحقر البدوي. فإذا وصف البدوي الحضري ، فانه في الغالب يقول حضيري تصغيرا لشأنه.
ومن عادة البدوي الاستفهام عن كل شيء ، وانتقاد ما يراه مخالفا لذوقه أو لعادته بكل صراحة ، فإذا مررت بالبدوي في الصحراء استوقفك وسألك من أين أنت قادم؟ وعمن وراءك من المشايخ والحكام؟ وعن المياه التي مررت بها؟ وعن أخبار الأمطار والمراعي ، وعن أسعار الأغذية والقهوة؟ وعمن في البلد من القبائل؟ وعن العلاقات السياسية بين الحكام بعضهم مع بعض (١).
***
أوردنا ما جاء في كتاب المفصل في وصف عرب البادية في العصر الحاضر لأنّا رأيناه كذلك يصدق على عرب البادية في العصر الجاهلي حيث كان النظام القبيلي أساس النظم الاجتماعية في الجزيرة العربية قبل مبعث الرسول (ص)
__________________
(١) كان ذلكم قبل ان ينتشر الراديو والتلفاز عندهم.