بين الناس من النوازل ، كل قدح منها فيه كتاب ، قدح فيه العقل من أمر الديات ، وفي آخر (منكم) وفي آخر (من غيركم) ، وفي آخر (ملصق) ، وفي سائرها أحكام المياه وغير ذلك : وكانوا إذا شكوا في نسب أحدهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور ، فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها ، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ، ثم قالوا : يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا ، فأخرج الحق فيه. ثم يقولون لصاحب القداح : اضرب ؛ فإن خرج عليه (منكم) كان منهم وسيطا ، وان خرج (من غيركم) كان حليفا ، وإن خرج (ملصق) كان على منزلته فيهم لا نسب له ولا حلف.
وهذه السبعة أيضا كانت عند كل كاهن من كهان العرب وحكامهم. على نحو ما كانت في الكعبة عند هبل.
ج ـ قداح الميسر وهي عشرة : سبعة منها فيها حظوظ ، وثلاثة أغفال ، وكانوا يضربون بها مقامرة لهوا ولعبا ، وكان عقلاؤهم يقصدون بها إطعام المساكين والمعدم في زمن الشتاء وكلب البرد وتعذر التحرف (١).
قال اليعقوبي :
كانت العرب تستقسم بالأزلام في كل أمورها ، وهي القداح ، ولا يكون لها سفر ولا مقام ، ولا نكاح ، ولا معرفة حال ، إلّا رجعت إلى القداح ، وكانت القداح سبعة : فواحد عليه : الله عزوجل ؛ والآخر : لكم ؛ والآخر : عليكم ؛ والآخر : نعم ؛ والآخر : منكم ؛ والآخر : من غيركم ؛ والآخر : الوعد ؛ فكانوا إذا أرادوا أمرا رجعوا إلى القداح ، فضربوا بها ، ثم عملوا بما يخرج من القداح لا يتعدونه ، ولا يجوزونه ، وكان لهم أمناء على القداح لا يثقون بغيرهم.
وكانت العرب ، إذا كان الشتاء ونالهم القحط ، وقلت ألبان الابل ،
__________________
(١) تفسير القرطبي ٦ / ٥٨ ـ ٥٩. وكلب البرد شدته. والتحرف : التكسب للعيال من كل حرفة.